في مدينة الكرك، تلك القلعة العريقة التي شهدت على مر التاريخ صفحات مجد وأحداث كبرى، بزغ نجم امرأة اختارت أن تسطر فصلاً جديدًا من فصول التميز والريادة الثقافية. إنها الأستاذة عروبة الشمايلة، مديرة ثقافة الكرك، التي لم تكتفِ بأن تكون مجرد مديرة، بل أصبحت ملهمة وقائدة لمسيرة نهضة ثقافية عميقة، قدمت للكرك وأهلها ما كانوا يحلمون به: ملتقى ثقافي يشع بالحياة، يضج بالمواهب، ويحتضن الإبداع والابتكار.
عروبة، وكما يحمل اسمها روح الانتماء والتجذر في الأرض العربية، كانت عنوانًا لقصة نجاح استثنائية في ميدان الثقافة. بدأت رحلتها بتحدٍ كبير: كيف يمكن لمكان مثل الكرك، بقلاعها وصخورها وجبالها، أن يتحول إلى بؤرة إشعاع ثقافي، ومنصة تنير العقول وتغذي الأرواح؟ لم يكن الأمر سهلاً، لكنها، بإيمانها العميق بدور الثقافة في بناء المجتمعات، وبصبرها وجهدها الدؤوب، استطاعت أن تغير الواقع، وأن تجعل من مركز الحسن الثقافي في الكرك حاضنةً للإبداع، بل معلمًا يشهد له القاصي والداني.
تؤمن عروبة بأن الثقافة ليست فقط للأدباء والفنانين، بل هي حق للجميع، لكل من يحمل في قلبه شرارة الإبداع. ولهذا السبب، كانت رؤيتها شاملة، تسعى لخلق بيئة تفاعلية تضم مختلف الأنشطة الثقافية والفنية. لم يكن هدفها مجرد تقديم برامج ثقافية عابرة، بل بناء مجتمع ثقافي يتفاعل ويشارك، مجتمع يرى في الثقافة وسيلة للتعبير عن ذاته، وللتواصل مع الآخرين، ولتحقيق التنمية المستدامة.
وفي ظل قيادتها، تحول مركز الحسن الثقافي إلى مكان يضج بالحياة، مليء بالبرامج الداعمة للمواهب الناشئة، والممارسات الثقافية المتنوعة. أصبح المركز موئلًا للفنانين، والموسيقيين، والشعراء، وحتى الحرفيين الذين وجدوا في هذا الفضاء فرصة لإبراز مواهبهم وتطوير مهاراتهم. وقد استطاعت عروبة أن تحقق هذا الإنجاز من خلال توفير بيئة آمنة وداعمة، تحتضن الإبداع وترعى المواهب، وتشجع الصناعات الثقافية، مما جعل من الكرك بؤرة للإشعاع الثقافي، يمتد تأثيرها إلى مختلف أنحاء المملكة.
لكن التميز الذي حققته لم يتوقف عند حدود المرافق والبرامج الثقافية، بل تجاوز ذلك إلى بناء جسور من الثقة بين المواطن والمشهد الثقافي. استطاعت أن تزرع في نفوس الناس حب الثقافة والإيمان بأنها جزء أساسي من حياتهم اليومية، وأنها ليست حكرًا على نخبة معينة. بل كانت تؤمن بأن الثقافة تنبع من الناس، من قصصهم، وأحلامهم، وهواجسهم. ولهذا كانت برامجها تعكس هوية أهل الكرك وتطلعاتهم، وتوفر لهم فضاءً يعبرون فيه عن أنفسهم بحرية وإبداع.
عروبة نموذج حي للريادة الثقافية، وللإيمان العميق بأحقية الناس في أن يكون لهم قطاع ثقافي يعكس هويتهم .
إن قصة نجاح عروبة الشمايلة ليست مجرد قصة فردية، بل هي قصة مجتمع كامل، مجتمع آمن بقدرة الثقافة على تغيير الواقع، وعلى بناء مستقبل أفضل. إنها قصة تحكي كيف يمكن للإبداع والعمل الجاد أن يصنع المعجزات، وكيف يمكن لشخص واحد، بروحه الطموحة وإصراره الذي لا يلين، أن يحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الناس.