مبروك للفائزين!الجمهور العام
شكرًا على مشاركتكم. أنتم أبطالنا!
الأردن|الجمهور العام
بطل قوقعتي
يوسف محمد
تأليف يوسف محمد
بطل قوقعتي

كنت كشتلة نبات توليب قد نبتت في وسط صحراء قاحلة او ككومة رمال ليس لها مالك او مثل قطعة قماش على سطح منزل في نهاية فصل صيف حار لا محال هالك
هكذا كنت اشعر منذ 12 عاما
كتب لكم هذه الكلمات يوسف محمد محمد ابن ال 34 عاما الان و انا اعيش في مخيم الزعتري للاجئيين السوريين في الاردن بعد أن صارعت أهوال ما مررت به ، ينتابني شعور انني موجود الآن في آلة الزمن الخرافية التى قد سمعت عنها يوما حيث اني عدت لتلك التجارب وانا اكتب هذه الكلمات
قد اتناسى ما مررت به ولكن لن انسى
لقد عدت للاعتقال في السجون و فقدان الأحبة امام عيني و الأصوات المروعة و الجوع و انقطاع دراستي الجامعية والكثير من الوصف الذي لا ينتهي عن كل تجربة عشتها لينتهي بي المطاف بشكل فجائي و بين ليلة و ضحاها في خيمة بمكان بارد واسع جدا خالي من المشاعر ،لقد بقيت لأشهر لا اخرج من ما اسميها قوقعتي لقد كانت خيمة باردة جدا في شهر كانون الثاني من عام 2013
من الصعب جدا أن انسى تفاصيل تلك الليلة
لقد استيقظت في الصباح و كان الثلج يكاد ان يدمر تلك القوقعة و الماء ينساب من تحتها ، منذ ذلك الوقت سيطر علي ذلك الشعور و هو انني شخص مستسلم منعزل و واصبحت غاضب جدا من نفسي و من مجتمعي و من الحرب و من كل شئ حتى اذكر بأنه كانت تنتابني تلك الشكوك لوجود الذات الإلهية .. ربما ذلك امر عادي لشخص يفكر بتلك الطريقة لعدم وجود سند حقيقي و بسبب حجم تلك الضغوطات و تلك الاضطرابات ، واذكر انني خجلت يوما من طائر العصفور حيث كانت دموعي تنهمر أمامه و هو يقف على احد نوافذ الحمامات العامة
قد يرواد اذهانكم هل فكرت يوماً بذلك التفكير الاسود والنهائي وانا في تلك الحالة
نعم و كان هناك محاولات و لكن اليوم أيقنت انها كانت محاولات للفت الانتباه اكثر من إنهاء حياة
لقد بقيت على هذه الحال ما يقارب السنة
حتى علم بطلي بوجودي في المخيم ، كان ذلك بالصدفة من خلال طفل صغير قد قام هو بمساعدته و عرف من الطفل انه من قريتي في سوريا كنت منقطع عن بطلي مدة طويلة قبل الحرب حيث انه خرج قبل الحرب من سوريا لدول الجوار و انقطع تواصلنا ربما بسبب الحرب ،هو صديقي كان عماد بعمر 24 عاما انذاك لم يتردد في زيارتي و كان سعيدا جدا لمعرفته انني في منطقته بمخيم الزعتري في وقت لقائي به في المخيم زارني في قوقعتي واذكر انني كنت مضطربا و خجولا بسبب حالتي كان شعري يغطي وجهي و رأسي و كنت هزيلاً و اشبه بريشة طائر تعصف بها الرياح من كل جانب كنت خائفاً جداً ان ينظر لي نظرة الشفقة كنت قليل الكلام و ذلك سبب لي الهروب منه في الايام القادمة بعد اللقاء الاول و لكنه أصر على ملازمتي في ما انا به حتى خرجت من قوقعتي هذه نعم لقد أحدث عماد ذلك التغيير بعد أن كنت أكرر و مقتنع بمقولة انني مجرد ثقل زائد على هذه الأرض
أدركت انه كان يبحث عن التعافي أيضا في مساعدته لي
عماد سبقني للمخيم و مر أيضا بتجارب صعبة و من اصعبها اصابة والده بمرض سرطان الرئتين و كانت هذه الحادثة بوقت لقائه بي و لكنه قرر النهوض وعدم الاستسلام و وجد ذلك النهوض و الصمود و المقاومة بمساعدة الأشخاص من حوله بأعمال تطوعية و لجان مجتمعية اشركني فيها فيما بعد
تعلمت من بطلي ان اتعافى في زرع بسمة على وجه طفل او مساعدة كبير او بمشاركة بعمل مجتمعي كنت عضواً فعالاً في لجنة اسمها اللجنة الشبابية السورية لقد تركنا الأثر في نفوس أشخاص كثيرون حتى هذا اليوم و من أجمل تجاربي تلك المبادرة التى عملنا عليها مع اطفال مشفى الحسين للسرطان ذلك اليوم كان مميز بالنسبة لي و علمني الكثير عن العطاء و معنى الحياة ، بطلي جعلني أجد نفسي و اصمد و أواجه الضروف وان اكون معطاء و الأهم انني لست ثقلا على هذه الأرض وانا اليوم مدرب متمكن في مجال الدعم النفسي و مازلت قادرا على العطاء والتطوع و صديقي عماد أصبح فنان تشكيلي معروف و معارضه تجول في الدول الاوروبية و العربية و مازلنا اعز صديقين ونعيش في نفس المكان في مخيم الزعتري
صدقاً هناك حيرة لدي من هو البطل الاكبر بيننا و اصبحنا نتسابق اليوم في ذلك الامر و لكنني اعلم ان تلك التجارب القاهرة بتفاصيلها الدقيقة جعلتنا ما نحن عليه اليوم .. شكراً عماد