مبروك للفائزين!الجمهور العام
شكرًا على مشاركتكم. أنتم أبطالنا!
الأردن|الجمهور العام
بينَ حلمٍ وَواقع..
Haneen Clouds
تأليف Haneen Clouds
بينَ حلمٍ وَواقع..

أمامَ النافذة، واقفةٌ وَظهرها ناحيتي..
أعلى يسار النافذة تحركت صائدةُ الأحلامِ معلنةً بداية حديثها..
- كم حلمًا حققنا؟
- ثلاثةً وَنصف..
- من أصل؟
- أربعة وَأربعين..
- أوه هذا مفزع.. لٰكننا حتمًا سنفعلها.. معًا.. وكالعادة!
تنهَدَتْ.. وَتنهدتُ معها..
ثلاثةٌ وَنصف..
أَنا حتى لا أتذكرُ ماهيّةَ تلكَ الأحلامِ التي استطعنا انتزاعها من بينِ أسنانِ الحياة..
نظرتُ إليها والفخرُ يتعلقُ على رموشي، منظرها لا يوحي بكونها خارقةً أو قوية، لمَ تسعى الحياةُ دائمًا للإيقاعِ بها؟
لم تقف على الأسطحِ تترصدُ الشرّ ليلًا، وَلم تلحق بسيارةٍ تُقِلُّ أذىً لتوقفها وَلم تستطع إيقاف قطار..
لكنّ كلَّ انعكاس لصورتها على كلّ زجاجٍ مرت من جوارهِ يروي قصة بطولة..
لقد جاهدت فتاتي للحصولِ على تلكَ الأحلام..
سرقتْ من ضوءِ النجوم نورَ أَعيُنِنا قَبَسًا إِنْ حَلَكَ الطريق..
أنبتَ إيمانها لنا أَكُفًّا -عوضًا عن تلك التي بترتها الحياةُ قِصاصًا لسرقها النور- أَسسنا بِها طُرُقًا علّنا نَستطيعُ عُبورَها وَلَو بِخُطواتٍ رَضّةٍ هَشة لنرضي ذائقتنا المتعطشةَ للإنجاز..
مشينا معًا علىٰ استحياءٍ في متاهاتِ ظروفنا وغربتنا راجينَ الوُصول..
لم تسمح للأيامِ بإهدار أَرواحَنا الوَردية عَبثًا، وَلم تسمح للسنينِ بزجِّ قُلوبِنا في غَياباتِ الجُب..
- سُحقًا هٰذا مخيف.. فماذا لَو لَم يقطَع بِئرُنا طَريقَ بعضِ السيّارة!
قاومت بكل ما أودعَ الله عندها للحفاظ على أَجنِحَتَنا، مع أَنَنا لم نستطع الحومَ إِلّا في اتساعِ بَصَرِنا..
أخذتُ بيدها وَشدَّت على عضدي وتقاسمنا أَكوامُ الواقِعِ علىٰ أَكتافِنا الطَريةِ، وَسرنا في هٰذه المساحاتِ الضيقة وَرغمَ أنفِ الواقع
أَفسحنا المَجالَ لِمَكنوناتِنا عَلَّها تَنطَلِق، فَقد قُبِضَت صُدورُنا وَشُحَّ اتسِاعُنا!
وَفي نهاية كلِّ نضال.. تُهَشِّمُ الحياةُ كَيانَنا، نحلمُ كثيرًا ونحققُ أقلَّ من نصفِ القليل..

تحركتُ لأربتَ على كتفها مواسيةً إياها، وَما إن لمستُها حتى اختفت..
على زجاجِ النافذةِ انعكست صورتي أنا..
بنفس اللباس والهيئةِ والشعرِ والسوار ذو الخرز الأسود والجناحين الفضيين..
تحسست وجهي.. إنّه متورم.. وَأنفي ينزف..
ملابسي من الأمامِ ممزقةٌ إثرَ مضاربة، وَمعصمِ يميني مكسور!
لقد كانت تعطيني ظهرها لتخفي عني كل هذا!

وَمجددًا، نجحتِ الحياةُ في نَثرِنا غُبارًا يُعانِقُ الأَسطُحَ التي لَم نَستَطِع حَتّىٰ الوُصولَ إِليها..

نظرت ورائي في فراغ الغرفة..
كومةُ أمنياتٍ مكسّرة..
آلاف الطموحاتِ المبعثرة، وكومة آلام صامتة.. ملايين العثراتِ المتلألأةِ من شدة التحطم..
فراشات الحب ميتة..
وهناك ما يمنع الباب من التحرك..
أحلامي الأربعة والأربعين.. معبئة بكفنٍ أبيض مُحضّرة للدفن!

اتكأتُ على الحائطِ خلفي، ثم انهرتُ باكية!
فتاتي تلك.. كانت أنا في خسارتي الأخيرة..
- أنا.. أستسلم..
تحركت صائدةُ الأحلام كأنها تحتج..
من شدة الريح.. سقطت فوق رأسي..

استيقظت من نومي..
- ياله من حلم واقعيّ!!
جلست في فراشي اتثاءب..
- هل آخر ما قلته أنني أستسلم؟ أي استسلام هذا.. قومي عزيزتي حنين قومي رضي الله عنكِ.. وراءكِ عمل..
نظرت في ساعتي، لقد تأخرت!
صحيح أنني أعملُ في مجالٍ مغايرٍ لتخصصي الدراسيّ، وَصحيحٌ أنّ أجري هو أقل من نصف الحدّ الأدنى للأجور، لكنني تجهزتُ جيدًا وَاشتريتُ لنفسي كوب قهوةٍ مبيضةٍ كمكافئة على هذهِ القوة..
ومع خطوتي الأولى.. بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء..
انا بطلة اليومِ وَكلّ يوم وَلا يُضَرُّ شغفي حتى لو استسلمتُ أربعًا وأربعينَ مرةً ومرة!