
اسمي أحمد، عمري 35 سنه وأنا من ذوي الإحتياجات الخاصه، أصبت بشلل دماغي نتيجة نقص الاكسجين عند ولادتي، إعاقتي لم تمنعني من ممارسة حياتي بشكل طبيعي، ووصلت لما انا عليه الآن بالمثابره والصبر والعمل الجاد. منذ صغري كانت أمي تحدثني عن جدي، وكيف أنه تحدى الصعاب والظروف ليصل إلى ما وصل إليه من نجاحات.
لم أقابل جدي، ولكن سمعت وقرأت عنه فأحببته وأتمنى لو أطال الله بعمره حتى ألقاه، ولد جدي في مدينة الطفيله سنة 1919 وتوفي سنة 1976. تخرج من مدرسة السلط الثانوية، وكان ترتيبه الأول على إمارة شرق الأردن في الشهادة الثانوية. كان شخصية مهمة ومؤثرة في مجال التعليم والتنمية في الأردن، وقد ترك بصماته الواضحة في هذا المجال.
في بداية حياته المهنية، عمل جدي في التعليم، بدأ بالتدريس وترقى الى مفتش ومدير مدرسة ثم مدير تربية. أنشأ منزل للطلبه في مدينة معان ليسكن فيه أبناء الطفيله والعقبه والشوبك ووادي موسى الذين يدرسون في مدينة معان لأن مدرسة معان الثانويه كانت الوحيده في الجنوب. وكان يذهب للمنزل يوميا ليطمئن على أوضاع الطلبه من مأكل ومشرب وملبس. تذكرت جدي عندما حصلت على بعثة لليابان عن طريق جايكا، فلقد سكنت في منزل خاص للطلبه، وكان المسؤول يطمئن على اوضاعي دائما. وذكرني هذا الموقف بجدي وكيف أنه كان يفعل نفس الشيء في خمسينيات القرن الماضي.
تألق جدي أيضاً في مجال كتابة المناهج المدرسية، حيث كتب العديد من الكتب الدراسية في مجالات العلوم والصحة والفيزياء والكيمياء للمراحل المختلفة من التعليم الأساسي والثانويه، ومرفق قائمه بمؤلفاته.
بعد التقاعد من وزارة التربية أنشأ جدي عمله الخاص. وكان جزء من عمله هو استيراد اللوازم العلمية الخاصة بالمناهج المدرسية مثل المجسمات والمواد المخبريه وذلك لحرصه على رفع مستوى التعليم في الأردن. وكذلك الكيماويات التي كانت تستخدم في مختبرات المدارس. وتوسع عمله ليشمل استيراد الادويه، الأجهزه الطبيه، المبيدات الحشريه، وتجاره عامه.
كان جزءا من جهوده في تطوير التعليم يشمل تأسيسه مع عدد من رجال الأعمال المهتمين بالتعليم "الكليه العربيه"، وهي كلية جامعية متوسطه، و"جمعية أصدقاء الجامعه"، وهي جمعية لمساعدة الطلاب على تسديد الأقساط الجامعيه. وهذا يدل على حبه للتعليم لأن التعليم مهم في حياة الفرد والمجتمع.
إن تراث جدي سالم صقر المعاني في مجال التعليم والتنمية يعكس الروح النبيلة والتفاني في خدمة المجتمع وتحقيق التنمية الشاملة، وهو مصدر إلهام لي ولكل من عرفه. بفضل عزمه وتفانيه في العمل والتعلم، نقل لي جدي هذا الحب الذي ألهمني لمتابعة أحلامي وتحقيق أهدافي في الحياة والتعليم. أنا اتقن ثلاث لغات هي العربيه والانجليزيه واليابانيه. اخذت عن جدي صدقه وأمانته، مما اكسبني الثقة والاحترام من الآخرين، مما يؤدي إلى بناء علاقات مستدامة ومثمرة. اتبعت التزام جدي وجدارته في العمل لتحقيق نجاحات كبيرة في مساري المهني والشخصي.
الصور:
- كتاب من وزارة المعارف سنة 1947 يفيد بأن جدي حاصل على شهادة الثانويه سنة 1940 وكان ترتيبه الأول على إمارة شرق الأردن.
- خريجو مدرسة السلط الثانويه 1939 – 1940 (سالم صقر: السادس من الصف الثالث وقوف).
- لائحه مؤلفات جدي في المناهج المدرسية.
- احد الكتب التي ألفها جدي.
- صوره لجدي في باريس في ستينيات القرن الماضي.
- مقال للسيد علي فهيد، أحد الطلاب من وادي موسى والذي سكن في بيت الطلبه في مدينة معان سنة 1955.