سارا معا على طريق الحب هذا الطريق الذي تتخلله العديد من المحطات حتى وصلا إلى محطة الزواج تلك المحطة الجميلة، وكأي زوجين لطالما يحلم فرحان وعلياء أن يجنيا ثمار هذا الحب الصادق، مرت عشر سنوات على زواجهما ولم يأذن الإله العظيم لهما أن ينجبا طفلا يؤنس وحشتهما ويكسر السأم في حياتهما، حلمت علياء كثيرا بطفل يبكي على زندها ويناديها بذلك اللفظ المحبب الذي يفجّر ينابيع الأمومة لديها.
لم يكد يمضي يوم على فرحان وعلياء إلا ويزوران به طبيبا مختصا، وكلامهم جميعا كان ذاته: زوجتك لديها مشاكل صحية تحول بينها وبين الحمل، كم من ليلة بكت علياء، وكم من ليلة ناجت علياء ربها أن هب لي من لدنك ذرية طيبة، ولكنّ إرادة الله فاقت كل شيء.
ها هي السنة العشرين على زواجهما ولم يسمع فرحان تلك الجملة التي كان يرجو سماعها من علياء، بينما هي كانت وفي كل يوم تسمع كلاما جارحا من البيئة المحيقة بها، لا يمر هذا الكلام مرور الكرام خلال عصبها السمعي بل كان يؤذي قلبها وحتى أنه برى جسدها.
في ليلة من الليالي فإذا بعلياء المؤمنة شديد إيمانها الورعة كثير ورعها تذهب إلى زوجها وتقول مخاطبة إياه: أيا حشاشة الفؤاد وقرة العين أيا مأمني واستقراري، أردنا أن نرى ذلك الطفل المرجوّ ولكن هذا الطفل لن يكون من رحمي، فأنا وفي هذا اليوم وبكامل إرادتي ذهبت والدتك لنختار لك زوجة ثانية تقاسمني حبك وتقاسمني هذا البيت ذا الجدران المتشققة فلعلّ ربنا يهبنا وإياها غلام تقيا عابدا ومن الصالحين يرعانا عندما يجور الزمان علينا ويخفض لنا جناح الذل من الرحمة بعد أن نبلغ من العمر عتيا.
اغرورقت عيناه حتى تساقطت دموعه على خديّه عانق ليلى قائلا: والله وبالله إن كلامك هذا قد قيد لساني وفجّر أحاسيسي ولا يسعني إلا أن أكون مطواعا، فبارك الله لي فيك.
تزوج فرحان زوجته الثانية التي عاشت هي وعلياء كأختين متحابتين، وبعد سنة من زواجهما جاء ذلك المولود المنظر جاء ينير الظلمة التي عاشوها جاعلا شفاههم تفترّ مبتسمة على غير مرة، وليلى الله الله على فرحتها بهذا المولود! الذي حملته حين قدومه وقالت: الحمدلك يا الله على هذه الهبة التي منحتنا إياها بلا حول منّا ولا قوة، إلهي يا أيها السميع لدعائي العليم بنيتي اجعل لي من هذا الغلام نصيبا واخلفني به خيرا واجعله بارا بي رؤوفا بحالي.
* أعلم أنه لا يجوز للقاص أن يتبع قصته بما يسمى ما بعد النهاية، ولكنّ مشاعري أرغمتني على هذا التجاوز.
ها أنا تلك الهبة التي منحها الإله العظيم لهم، وما شعرت يوما بفارق فكأنني ولدت من رحمين رحم الأمومة ورحم الحنان، فرحم الأمومة حملني تسعة أشهر ورحم الحنان حملني بقية العمر وكان لي أمان أم بيلوجية وأم روحية وكلاهما وجهان لعملة واحدة عملة الأمومة، فبعد طول انتظار سمع والدي فرحان تلك الكلمة التي كان يرجوها -بابا- فحقا أمي الحبيبة علياء في عيني بطلة لأنّ التضحيات التي قدمتها كبيرة وثمينة.
* ملحوظة: أحببت أن تكون مشاركتي على هيئة قصة لتكون أقرب للقارئ وأكثر وقعا في نفسه ووصولا إلى ما يحب.