بدأت قصتي منذ أن كنت في الثانية عمري،عندما تركتني أمي عند أختي الكبيرة وقد حدثتني بما حصل في ذلك الوقت،تقول لي:بدأت بالصراخ بشكل هستيري ولا أعلم ما سبب بكاءك،حيث تفقدتني ولم تجدني بحاجة لتغيير الحفاظ؛وأنها كانت قد أطعمتني،وليس هناك مدعاة لهذا البكاء،جاءت أمي من منزل جدي،وحدثتها أختي بما حدث لي وأنني ما زلت على وتيرة واحدة من البكاء،تفقدتني أمي جيدا،وأردات أن تخلع عني حفاظتي،فوجدتها قد ملئت دما!! أصيبت أمي بالذهول والذعر؛وأخذتني ركضا هي وأبي الى عيادة الطبيب الموجودة في حينا؛وقد ظنت بأني قد تعرضت لحادثة أفقدتني عذريتي،وفي أثناء الفحص أخذ الطبيب يهدأ من روع أمي وأبي،وأنه ليس هناك ما يخيف،وأعلمهم أنني بخير؛وأن ما حدث معي ليس سوى مرضا يدعى"البلوغ المبكر" ومم أعراضة نزول الحيض المبكر ؛في هذه اللحظة حدثتني أمي قائلة:أن والدي قد ضمني إلى صدره وبكى بكاءً شديدا من هول ما سمع،طفلة بعمر السنتين وتحيض!!كيف!!أعلمه الطبيب بأن الاستعجال باجراءات العلاج أفضل بكثير من البقاء على البكاء وندب الحال؛أخذاني والدي الى المستشفى للعلاج؛وقد وجد العلاج؛وفي عمر الرابعة برزت لدي معالم الأنوثة، وفي كل مرة أشعر أن هذه الملامح تكبر ازداد خوفا وارتباكا،شعوري بأنني مختلفة عن أقراني جعلني أشعر بالحرج،وفي التهرب من مجتمع الفتيات القرينات لي عمرا وليس عقلا ولا شكلا،كنت مدركة تماما لما يحدث لي وما يدور حولي،وأميز بين تلك النظرات التي تختطف بطرف العين لي،الكل ينظر لي نظرة الاستهجان،محاولين في ذلك تفقد معالمي ،فشكلي يوحي بأنني لست طفلة ولكن عمري يبدو صغيرا! أمضيت أربعة عشر عاما في التداوي من هذا الأمر؛وأثره النفسي قبل الجسدي قد هد قواي،وجعلني فتاة مليئة بالخيبات والحرمان، من يصبر على أمر كهذا ،أمر جلل،مخيف،معتم،قد حرمني من طفولتي،لم أهنىء بها؛ولم يكن لي حق اللعب كزميلاتي في المدرسة،الكل يشوح عني!! زميلاتي ينظرن إلي وقد شعرن أنني مختلفة عنهن،وثمة اختلافات بيننا،ورغم ذلك كنت أمضي أوقات حصة الرياضة أو الفسحة في المكتبة وأقرأ الكتب،كما أن جسدي قد كبر قبل أوانه،أيضا قدرتي العقلية كبرت قبل أوانها،لم أكن لأميل لتفاهات المراهقة،كنت حادة الطباع،متحلية بالشجاعة والقوة العقلية،لا شيء يثيرني؛مضت تلك السنون في خير وأنا أتذكر كل خطوة وكل همسة وكل نظرة وكل تعب قد تبادر إلي، ولم ولن أنسى تلك السنين العجاف،بلغت الان رسميا وصرت فتاة مكتملة المعالم،انتقلت لدراسة الثانوية،خلال تلك الفترة كنت منشغلة في دراستي،وقد قيدت حتى باختيار نوع تخصصي الثانوي فلم يكن مسموح لي أن أتخصص "علمي"فذهبت الى فرع"الادبي"ونجحت وكذلك لم يسمح لي بالدراسة في الجامعة،خلال هذه الفترة تقدم لي ابن عمي للخطبة وكان يقول أنه يحبني ويريدني زوجة رؤوم له،مضت سنه ونصف على خطبتنا وقد طلقني فيها مرة وردني إلى عصمته مرة أخرى،ومن ثم طلقني ثانية؛وذهب في حال سبيله،بعد عامين ونصف جاءني يريد أن يردني إليه،ولم أقتنع بكلامه،وبادرني مهددا إما أن اتزوجه أو يفقدني عيناي أو يشوه وجهي،تزوجني وأنا أعلم نهاية هذا الزواج،فمن جبل على كره أمي فمن المؤكد سيكره ابنتها،تزوجته وبقيت حاملا ببنتي البكر هتون وقد تركني وسجن لمدة ثلاث سنوات؛وأنا اتجرع مرارة السجن ومرارة هذا الارتباط بانسان أعلم تماما أنه تزوجني ليستد ثارات قديمة؛مضت السنوات الثلاث وخرج من السجن؛آراني فيها من شتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي،بدءا من الدهس على رأسي بقدمه إلى وضع رأسي في الحمام، وفرك وجهي بفرشاية الحمام،والبصاق في فمي ووجهي،ودق رأسي في الحائط،قد تجرعت من العذاب ألوانا، وهذا كله كان في كفة،وخطفه لابنتي مني وطردي خارج المنزل في كفة ،وهذا كله ويدعي أنه رجل ملتزم دينيا!!وقدر لي أن أرزق بطفلتي الثانية "رزان"خلال حملي قد اكتشفت أنه رجا خائن يراسل فتيات الفيس بوك ويمارس معهن الرذيلة،تركت المنزل وذهبت حيث يقيم أخي،ولكن هيهات لزوجة أخ أن تتحمل أخت زوجها!! حان وقت ولادتي لابنتي الثانية؛أهلي قد تخلوا عني بسبب مشاكل زوجي،ذهبت لولادة طفلتي وعندما خرجت من المستشفى جلست في طرف الشارع المجاور لمنزل أهلي منتظرة منهم الدخول الى منزلهم؛فجاءت امي وقد قالت أنه مرفوض دخولي لهذا المنزل،واستاجرت لي منزلا جلست فيه ثلاثة أشهر ،وقد جف حليب ابنتي من الجوع؛ونحلت انا وابنتاي بسبب عدم وجود مصادر غذاء نتقوى بها،تخلى عني الجميع وتركوني أنا وطفلاتي نصارع في منزل لا يصلح لعيش الحيوانات حتى،تخلى عني مصدر أماني،ولم يعد بحاجتي وقد.كثرت معجبات الفيس بوك حوله،وجاء أمر من أهلي،وكان كالآتي:إذا أردتي العودة إلى البيت فمسوح لك ولكن دون طفلاتك"!! وبين هذا كله وما عانيته أقف عاجزة منهارة القوى لا أعلم ماذا أصنع؛سامرت زوجي بأن ينفق علي وعلى ابنتاي وأن يدفع أجرة المنزل فلم يقبل عرضي؛وقال أنا مجبور بهن أما أنتي فلا!! وبين مداهنات ومراهنات لم يكن أمامي إلا أن أعطيه.طفلاتي؛ لم يكن أمامي خيار سوى ذلك الخيار؛أخذ بناتي مني وجعلني أما متجردة من أمومتها؛فكما حرمت من طفولتي حرمت من ممارسة أمومتي!!وعدت إلى منزل أهلي ؛والى الان لم انفصل رسميا عن زوجي،ذهبت للعمل في مصنع للألبسة ووفرت مبلغا من المال؛وذهبت إلى الدراسة في جامعة الطفيلة التقنية،وبعد انتهائي من الفصل الأول للدراسة،ذهبت لانفصل عنه رسميا وحصل الطلاق،بعدما حصل الطلاق صدر اسمي للحصول على منحة الدراسة الكاملة مع مصروف شهري من الجامعة؛وأكملت دراستي في تخصص اللغة العربية وآدابها بتقدير امتياز مع لوحة الشرف،كنت طالبة متميزة،يحبني جميع زملائي وزميلاتي؛ومدرسيني،وكان لي الحضور أينما حللت بينهم،مصدرا لعون جميع الطلاب على تجاوز صعوبة المواد الدراسية؛لا أتردد لحظة في مد يد العون لهم،وهذا قول أحد مدرسيني لي وأنا على أبواب التخرج:"طالبتي العزيزة رحمة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
رحمة ايتها الطموحة الجريئة أحييك على جهدك وصبرك فأنت مثال فريد بين رفيقاتك التف حولك كل الزميلات وحتى الزملاء ينهلون من نموذجك الشريف والفريد لانك الأنموذج والقدوة وهذا ما لمسته في شخصك الكريم الذي جعلك الأقرب من اساتذتك وزملائك الطلبة حتى غدوت لهم مرجعا ونصيرا تدافعين عن قضاياهم وتتحسسين هموهم
ستبقين يا رحمة فيضا من مشاعرهم وحيزا من ذاكرتهم لأن لك نصيبا من اسمك
ارجو لك التوفيق والعقبى للدراسات العليا التى اراك فيها طالبة مجتهدة متفوقة ابارك لك التخرج ولأسرتك الكريمة ولبنياتك الصغيرات
واعلمي أن التهنئة للاكفاء وانت من خيارهم وفقك الله".
ومع هذا الانجاز العظيم افقتد أمومتي؛حرمت منها حرمت من تفاصيل كنت أخطط لها كأي فتاة سوية؛كنت قد رسمت في مخيلتي كيف سيكون أول يوم لهتون في الروضة،وكيف ستكون التسريحة المناسبة لها،وفي أول يوم لها في المدرسة في الصف الأول،أختار مريولها الذي يناسبها؛وأشتري لها ما تحتاجه؛والان هتون في الصف الثالث ورزان في الروضة؛ولم أعش تلك التفاصيل معهن؛حرمت طفولتي وأمومتي وطقوس الأمهات الجيدات، كان تاريخ ٩/١ يشكل لي رعبا في طفولتي؛والان وانا كبيرة أكره هذا التاريخ؛فجميع الأمهات لهن الحق في ممارسة أمومتهن إلا أنا!! لماذا هذه الدوامة من الحرمان!! البنت في مجتمعنا تتزوج؛فإن لم يكن زوجها صالحا؛يقولون تكسب منه ابناء صالحين!! انا ماذا كسبت من هذا الزواج!!ولم التصميم على الزواج مني لثلاث مرات اذا لم في نيتك أن تصونني عن عبث الدنيا بي!!أكل هذا كره!! رغم كل هذه الدوامة في التفكير جاءني عرض عمل، وأنا الآن مدرسة على العمل الإضافي طالباتي يكتبن لي أنني مدرسة حنونه!! طالباتي هن الحكم علي وكلامهن هو الصدق الحقيقي؛وكوني معلمة حنونه فأنا أما حنونة وجيدة؛ومن يرى نفسه سيئا فمن الاولى أن يكون غيري ولست أنا،سعيدا بعملي الجديد.وأرى نفسي انسانة مكافحة مثابرة لا حدود.ولا سقف لطموحي ولا عقبات تقف أمامي؛وكل ما مررت به قد شد بأسي وأزري ولم يعد لدي أي مخاوف وكل صعب ووعر أمامي يتفتت وأتمنى أن أعين بشكل رسمي في عملي وأكمل مسيري الذي ابتدأت به.