مبروك للفائزين!الجمهور العام
شكرًا على مشاركتكم. أنتم أبطالنا!
الأردن|الجمهور العام
لفه زيت وزعتر
علي الزغاميم
تأليف علي الزغاميم
لفه زيت وزعتر

لفه زيت وزعتر
الصمت احياني واعدت رصف احجاري فككت باسناني كفني ونفضت جسدي غباري
للحالمون بالمكان وما كان هذه حكايتي
حكايتي قديمه بعمر زيتونه روميه عندما كانت تزقزق العصافير عندما كانت اكبر امانينا لعبه دحاديل او السبع حجرات عندما كان يجمعنا المكان عندما كنا حالمين بالغد ليعيد سرد نفس الحكايه في كل مره دون كلل او ملل دون خوف او وجل هذه كانت حكايه الحالمين في ذلك الزمان
البطل في حكايتي لم يطر في سماء او يمشي على ماء بطلي لم يقاتل الاشرار ويقذف من عينيه النار كما كنت اشاهد الابطال الخارقين في مجلات الاطفال وفي افلام هوليوود بطلي لم يردتي بدله مثل سوبرمان او قناع باتمان بطل حكايتي من ارض الواقع لا الخيال رداءه مدرقه سوداء موشحه وعصبه راس حمراء ولا زلت اذكر تفاصيل ذلك الوجه جيدا لا زلت اذكر تلك الوشوم الابديه الجميله المنقوشه على جبينه وذقنه وتلك التجاعيد التي طرزت وجهه والتي تحمل في ثناياها حكايات نقشت تفاصيلها الايام بحلوها ومرها والتي ما زادت ذلك الوجه الا جمالا بطلي هو ام محمد
هكذا استيقظت طفولتي
كانت كل البيوت بيوتنا وكل الاباء ابائنا و كل الامهات امهاتنا كنا صغارا نتراقص فرحا دون سبب فلا هم يؤرقنا ولا فكر يشغل ادمغتنا الصغيره كنا نصنع الفرح من ابسط الاشياء عصا علبه سردين فارغه وحتى الظلال كانت لنا مصدر سعاده ولهو كانت قلوبنا بيضاء وارواحنا نقيه وضمائرنا طاهره غير مشوهه
في كل صباح بعد ان ينشد ديك جدتي معزوفته الابديه
كنا نلتقي انا ومحمود الابن الكبير لبطله قصتي تحت شجرة التين او كما نقول نحن الحماطه التي كانت لنا الملتقى ونقطه التجمع في وقت لم يكن هناك اي وسيله اتصال سوى هاتف العم عبد الله في دكانته العتيقه لنبدا طقوس حياتنا اليوميه بعدها نمتطي احصنتنا الخياليه والتي لم تكن سوى عصايه مكنسه او غصن شجره يابس لتتعالى اصواتنا ونحن نجوب الازقه متجهين لمنزل ام محمود حيث اجمل فقره في يومنا الا وهي خبز الشراك ما ان نصل حتى اسمع تلك الكلمات العذبه التي لا زلت اذكرها جيدا " هلا بحبايب القلب يلا غسلو ايديكو يميمتي وتعالوا " لنتربع حولها منتظرين بشغف رغيف الشراك الساخن واتامل وجهها وقطرات العرق تجري بين ثناياه وابتسامتها الخلابه التي لم اذكر مره انها فارقت محياها وفي كل مره كنت اكرر ذلك السؤال عن معنى تلك الوشوم لتجيبني وهي تضحك " يوه ما قلتلك ما بدري كنت جاهله وقتها " و بعد انتهائها من الخبيز تخرج علبه الزعتر وقنديل الزيت لتصنع لي ولمحمود اطيب لفه زيت وزعتر مع كاس شاي بنعنع . كبرنا وكبر كل شئ اجسادنا احلامنا وحتى خيباتنا كبرنا وتغير كل شيء حتى روائح المكان وما بقي من عبق الماضي سواها بمدرقتها وعصبتها وطابونها ورائحة خبزها كما هي شامخه كزيتونه روميه عتيقه ام محمود التي ما لبثت ان خرجت من شرنقة الطفوله حتى وجدت نفسها ارمله وفي احشائها طفل ام محمود التي فقدت والديها ولا تعرف عنهم شيئا سوا اسمائهم وجدت نفسها وحيده لا تملك سوى بيت طيني متهالك وفرشه وبعض الاواني المتشحه السواد وطفلا جميلا اسمته محمود تلك المراه حديثه العهد بالبلوغ والمسؤولية لملمت شتات نفسها ونهضت ونفضت عن جسدها غبار الهم والالم والياس وارتدت ثوب العزيمه صابره قانعه حامده لربها على ما رزقها وعلى محمود لتمضي الايام بمدها وجزرها وحزنها وفرحها وكانت لولدها الاب والام و فلاحه اردنيه نشميه كفت نفسها وولدها وما احتاج غير الله معين .
الان الدكتور محمود وانا استاذ الكيمياء علي ما زلنا نجتمع كل يوم بعد صلاه الفجر ونذهب لبيتها كما اعتدنا لننتظر رغيف الشراك الساخن وقنديل الزيت وصحن الزعتر لتصنع لنا اطيب لفه زيت وزعتر

الاستاذ علي ابراهيم علي الزغاميم
0777418752
الطفيله
٢٠٢٤/٩/٥