
أنا عزت دبلان، ناشط حقوقي في مجال ذوي الإعاقة وصانع محتوى عبر منصات التواصل الاجتماعي. على مدى السنوات الخمس الماضية، كانت رسالتي واضحة ومستمرة: إيصال صوت الأشخاص ذوي الإعاقة إلى المجتمع وتسليط الضوء على حقوقهم. بدأت هذه الرحلة كاستجابة لحاجة شخصية إلى التعبير عن التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة بشكل يومي، وتحولت لاحقًا إلى مبادرة توعوية تهدف إلى تغيير المفاهيم الخاطئة وإحداث تأثير إيجابي في المجتمع.
لطالما كنت مؤمنًا بأن التغيير يبدأ من الوعي. لذلك قررت استخدام أدوات العصر الحديث، مثل الفيديوهات والمحتوى الرقمي، للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس. كل فيديو أنشره ليس مجرد كلام أو معلومات، بل هو محاولة لتقديم زاوية مختلفة للحياة التي يعيشها الأشخاص ذوو الإعاقة. أتحدث عن العقبات التي نواجهها، ليس فقط في البنية التحتية أو الأماكن العامة، بل أيضًا في طريقة تعامل الناس معنا والنظرة المجتمعية السائدة.
خلال هذه السنوات، شهدت تأثيرًا ملحوظًا على المجتمع. كنت ألاحظ التعليقات، الرسائل، والمشاركات التي تتزايد مع كل فيديو أنشره. لم يكن هدفي مجرد نشر الوعي، بل أردت أن أوصل رسالة أساسية: الإعاقة ليست ضعفًا، وإنما هي جزء من التنوع البشري. الأشخاص ذوو الإعاقة يملكون طاقات كبيرة وقدرات خاصة، وكل ما يحتاجونه هو الفرص المتساوية ليتمكنوا من الإبداع والمشاركة الفعالة في المجتمع.
لقد قمت بتسليط الضوء على مواضيع متعددة في فيديوهاتي، من حقوق ذوي الإعاقة في التعليم والعمل، إلى ضرورة تهيئة الأماكن العامة لتكون متاحة للجميع، وكيف يمكن أن يكون دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع مفيدًا ليس فقط لهم، بل للمجتمع ككل. وقد ركزت بشكل خاص على مسألة المساواة في الحقوق والفرص، مؤمنًا أن كل فرد في المجتمع يجب أن يتمتع بحقوقه كاملة، بغض النظر عن إعاقته.
في البداية، كان التحدي الأكبر هو تغيير الأفكار التقليدية السائدة حول ذوي الإعاقة. الكثيرون يرون فينا أفرادًا بحاجة إلى الشفقة أو العطف، لكنني أردت تغيير هذه الصورة النمطية. نحن لا نحتاج إلى الشفقة، بل إلى تمكيننا ومنحنا فرصًا عادلة. في الفيديوهات التي أنشرها، كنت أسعى دائمًا لإبراز قدراتنا ونجاحاتنا، محاولاً أن أثبت أن الإعاقة لا تعني نهاية الطريق، بل هي بداية لقصة تحدٍ وإصرار.
أحد الأهداف الرئيسية لمبادرتي هو التأثير على السياسات والتشريعات المتعلقة بحقوق ذوي الإعاقة. أؤمن أن التوعية العامة يمكن أن تمهد الطريق لتغيير فعلي في القوانين والسياسات التي تحكم حياتنا اليومية. كثيرًا ما أوجه نداءاتي إلى المسؤولين وأصحاب القرار بضرورة تحسين البيئة القانونية والبنية التحتية لدعم حقوق ذوي الإعاقة بشكل أفضل. نحتاج إلى قوانين واضحة تضمن حقوقنا في العمل، التعليم، والحياة اليومية، ونحتاج إلى بنية تحتية تتيح لنا التحرك بحرية والاستقلالية.
بالإضافة إلى التوعية العامة، أركز أيضًا على تقديم الدعم والمشورة للأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم وعائلاتهم. من خلال التفاعل مع المتابعين، أعمل على تقديم النصائح حول كيفية التعامل مع التحديات التي قد يواجهونها في حياتهم اليومية، وكيف يمكنهم الحصول على حقوقهم والمطالبة بها. أعتقد أن المجتمع القوي يبدأ من الأفراد، ومن هنا جاء حرصي على أن أكون مصدر إلهام وتحفيز للآخرين كي يؤمنوا بأنفسهم ويواصلوا الكفاح من أجل حقوقهم.
ما يجعلني أشعر بالفخر هو أنني استطعت، من خلال منصاتي، التأثير في حياة الكثيرين. قد يكون من الصعب قياس التأثير بشكل دقيق، لكن عندما أتلقى رسائل من أشخاص يخبرونني كيف غيّرت فيديوهاتي حياتهم أو طريقة تفكيرهم، أدرك أن ما أقوم به يستحق كل الجهد. هدفي النهائي هو رؤية مجتمع يكون فيه الأشخاص ذوو الإعاقة جزءًا طبيعيًا من الحياة العامة، حيث تتاح لهم فرص متساوية ولا يواجهون حواجز مادية أو اجتماعية تعيقهم عن تحقيق إمكانياتهم.
أحلم بيوم يصبح فيه التعايش مع الإعاقة أمرًا بديهيًا في المجتمع، حيث يتم تقبل الأشخاص ذوي الإعاقة كما هم، ويتم التعامل معهم على قدم المساواة مع الجميع. أؤمن بأننا جميعًا قادرون على إحداث التغيير، وبأن التغيير يبدأ من الوعي والتعليم. وآمل أن تساهم مبادرتي في بناء هذا الوعي الجماعي وفي تمهيد الطريق لمجتمع أكثر شمولًا وإنصافًا.
رسالتي اليوم، وكما كانت دائمًا، هي أن الإعاقة ليست نهاية، بل هي بداية لرحلة مليئة بالتحديات والإنجازات. ونحن، كأشخاص ذوي إعاقة، لسنا فقط مستحقين لحقوقنا، بل نحن قادرون على الإسهام في بناء مستقبل أفضل للجميع.
#تجربة_عزت