لجنة التحكيمالصفوف 10 - 12
لجنة التحكيم تقيّم المشاركات
156 أعمال
الأردن|الصفوف 10 - 12
أُخْتِي: بَطَلَة حَيَاتِي وَنَبَّراس مَسِيرتي" .
رانيا العون
تأليف رانيا العون
أُخْتِي: بَطَلَة حَيَاتِي وَنَبَّراس مَسِيرتي" .

لَوْ رَجَعْنَا إلَى طُفُولَتِنَا لَوَجَدْنَا أَنَّنَا نُولَدْ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ وَنَرَبى عَلَى التَّشْجِيع ..تُمسك الْمِلْعَقَة لِأَوَّلِ مَرَّةٍ فَيَصِفق لَك ...تَمْشِي خُطوتك الْأَوْلَى تَتَعَثَّر وَتَكَاد تَسْقُط فَتُشْجع عَلَى أَنَّك حَاوَلَتْ وَعَلَى أَنَّنَا بَذَلْنَا قُصَارَى جَهَدْنَا
وَلَكِنْ كَيْفَ تَنْشَغل الشَّجَرَةُ بِالثَّمَرَة عَنْ النُّورِ؟ لَوْلَا النُّورِ مَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ. كَيْف يَنْشَغِل السَّحَاب بِالْمَطَر عَنْ الْهَوَاءِ؟ لَوْلَا الْهَوَاءِ مَا كَانَ السَّحَاب. كَيْف يَنْشَغِل الرَّوْض بِالزَّهْرَة عَنْ الْمَاءِ؟ لَوْلَا الْمَاءِ مَا كَانَ الرَّوْض وَهَكَذَا هِيَ أُخْتِي "وجد"..
كَانَتْ وجد أَوَّلُ مَنْ عَلَّمْتَنِي أَنَّ الْحَيَاةَ ذَهَبَ نِصْفُهَا الْأَوَّل بِالرِّضَى وَنِصْفُهَا الثَّانِي بِالصَّبْر
وَفِي عَالِم الْبُطُولَة، لَا يَقْتَصِرُ التَّمَيُّزِ عَلَى الشَّخْصِيَّات الخَيَالِيَّة أَوْ الْأَسَاطِير الْقَدِيمَةِ، بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَتَجَلَّى فِي أَشْخَاصٍ ، يُشَارِكُونَنَا حَيَاتِنَا وَيُؤْثِرُون فِينَا بِطُرُق تَجْعَلُهُمْ ابْطَالًا فِي عُيُونُنَا. هَذَا هُوَ وَضْعُ "وجد" فِي حَيَاتِي، فَهِيَ بَطَلَتي الْخَاصَّةِ، وَقَدْ أَثَّرَتْ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى مَسِيرتي وَشَخْصِيَّتَي
وجد، هِيَ الشَّقِيقَةُ الَّتِي لَطَالَمَا شَارِكَتْنِي رِحْلَتِي فِي الْحَيَاةِ. لَكِنَّهَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ مُجَرَّدِ شَقِيقَة، بَلْ كَانَتْ رَفِيقِه الدُّرُوب وَالْمُرَافَقَةِ فِي رِحلَتِي نَحْو النَّضوج وَالتَّطَوُّرِ الشَّخْصِيّ. مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهَا، كَانَتْ وجد تُعْرَفُ قِيمَةُ الْعِلْم وَالثَّقَافَة، وَكَانَتْ دَائِمًا تَحُثُّنِي عَلَى اسْتِكْشَافِ عَوَالِم جَدِيدَةٍ مِنْ خِلَالِ الْكُتُب وَالْمَعْرِفَة
لَمْ تَقْتَصِر بِطُولِة وُجِدَ عَلَى تَشْجِيعِي عَلَى الْقِرَاءَةِ فَحَسْب، بَلْ كَانَتْ دَائِمًا تُشَجِّعُنِي عَلَى تَحْقِيقِ أَحْلامِي وَمُوَاجَهَة تَحَدِّيَات الْحَيَاةِ بِكُلِّ ثِقَةٍ وَإِصرَار. فِي اللَّحَظَاتِ الَّتِي شَعَرْت فِيهَا بِالْيَأْس أَوْ الضَّعْفِ، كَانَتْ وجد تَقِفُ إلَى جَانِبِي، تَقَدَّمَ لِي الدَّعْم النَّفْسِيّ وَتُلْهمني بِثِقَتها الْكَبِيرَة فِي قُدراتي.
تَأْتِي قُدْرَتِهَا عَلَى رُؤْيَةِ الْجَمَّالِ فِي الصُّعُوبَات وَالتَّحْدِيَات، وَتَحْوِيلُهَا إلَى فُرَص لِلنَّمو وَالتَّطَوُّرِ. بِفَضْل وُجُودِهَا الدَّائِم وَتَشْجِيعِها الصَّادِقِ، تَعَلَّمْت الصُّمُود وَالْإِصرَارِ فِي مُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَات، وَتَجَاوَزْ الْعَقَبَات بِثِقَة وَأَيْمَان بِالنَّجَاح
هِيَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ شَقِيقَة بِالنِّسْبَةِ لِي، بَلْ هِيَ بَطَلَتي الْحَقِيقِيَّةِ، الَّتِي أَثَّرَتْ بِشَكْل عَمِيق عَلَى حَيَاتِي وَشَكَّلَتْنِي كَمَا
أَنَّا الْيَوْم
وجد تَظْهَر وَكَأَنَّهَا الْجُزْءِ الَّذِي يَجُوزُ لِلْمُصمم إنْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِيُطَبع الْمَعلم بِطَابَع يُمَيِّزُهُ عَنْ بَقِيَّةِ الْمَعَالِم الْأُخْرَى.
وَهِيَ قِيثَارَة الْحَيَاةِ الَّتِي تَعْزِف أَجْمَل الْأَلْحَان، هِي سَفِينَة النَّجَاةِ الَّتِي تعبرُ بِنَا أَمْوَاج الْمِحَن، وَصَوْت الْحَقِّ الَّذِي لَا يَخْبُوَ فِي وَجْهِ الْبَاطِلِ. وَكَانَتْ هِيَ هِيَ ... وجد الَّتِي زرعت فِي قَلْبِي بُذُور الْحِكْمَة، وَسَقَتني المزيد من الشَّجَاعَة وَالْإِقْدَام. قَلْبِهَا مَأْوَى لِلْأَمَان، وَرُوحُهَا جنة لِلْعَطَاء.
يَا بَطَلَة حَيَاتِي، يَا مُلْهَمَة الْأَيَّام، يَا سَيِّدَةُ الْمَوَاقِف الْعَظِيمَةِ. فِي كُلِّ خُطْوَةٍ خُطْوَتَهَا، رَأَيْت الْقُوَّةِ وَالشَّجَاعَةِ، وَفِي كُلِّ كَلِمَةٍ نَطَقَتْ بِهَا، سَمِعْتُ الصِّدْق وَالْحِكْمَة. أنتِ النُّورَ الَّذِي أَضَاء دُرُوبي الْمُعْتِمَة، وَالسَّنَد الَّذِي لَا يَنْكَسِرُ، وَالرَّمْز الَّذِي تَظْهَرُ فِيهِ كُلُّ مَعَانِي الْحُب
مِنْك تَعَلَّمْت أَنْ الْبُطُولَات ليست فِي الْمَيَادِينِ وَحْدَهَا، بَلْ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ نَعِيشُهَا .... يَا سَيِّدَةُ الْعَطَاء، يَا مَنْبَع الْوَفَاء، يَا رَمَز الصُّمُود وَالثَّبَات.
وُجِد شَمْس لَا يَغِيبُ نُورِهَا، وَسَيْفٍ لَا يَنْثَنِي حده، هِي أُسْطُورَة تَجَسَّد الْعَزْم وَالْإِرَادَةَ، فِي مَسِيرَتُهَا تَتَرَاءَى لَنَا قَصَصَ الْبُطُولَة وَالْعَظَمَة. هِيَ الَّتِي عَلَّمْتَنِي أَنَّ الْقُوَّةَ لَا تَكْمُنُ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ..بَلْ فِي الثَّبَاتِ عَلَى الْمَبْدَأِ وَالْإِصْرَارُ عَلَى الْحَقِّ. هِيَ الَّتِي تَغَلَّبَت عَلَى الصِّعَاب بِابْتِسَامه وَوَاجِهَت الْمِحَن بِصَبْر لَا يَنْفَدُ. فِي قَلْبِهَا يَنْبُع الأمل، وَفِي عَيْنَيْهَا يَسْطَع الْأَمَلِ. مِنْ عَزْمَها اسْتَلَهِمْت، وَمَنْ حِكْمَتِهَا تَعَلَّمْت، وَفِي ظِلِّهَا وُجِدَتْ الْأَمْن وَالْأَمَان.
يَا بَطَلَة حَيَاتِي، يَا مَنَارَة الطَّرِيقِ، يَا دِرْعًا يَحْمِي مِنَ الْعَوَاصِف، وَيَا نَجمة تُضِيءُ فِي اللَّيَالِي الْحَالِكَةَ. لَا كَلِمَاتُ تُوُفِّيك حَقَّك، وَلَا عِبَارَات تُوَازِي عَظَمَتِك. يَا مَنْ تَسْتَحِقِّين كُلُّ التَّقْدِير وَالثَّنَاء، يَا مَنْ كُنْتُ وَسِتِّظلين مَثَلِي الْأَعْلَى وَقُدْوَتِي فِي الْحَيَاة.
بِقلم:-رانيا فنطول العون