مبروك للفائزين!الصفوف 10 - 12
شكرًا على مشاركتكم. أنتم أبطالنا!
الأردن|الصفوف 10 - 12
إلى من بنيت على قصتها أسس رحلتي
مريم يونس
تأليف مريم يونس
إلى من بنيت على قصتها أسس رحلتي

إليك أكتب بقلم سال منه الحبر من بعد ما كتب، إليك أكتب كلمات لم تصل حتى لمقدار ١٪ مما فعلت، إلى تلك القدوة التي ترى خارجها كالهشيم ولكنها أقوى من الحديد، إلى تلك البطلة التي ملئ قلبها بحطام الزمن، وزينته الدنيا بغدر الناس فلم يجد هذا القلب إلا رب الناس ليجعل الله هذا القلب المنفطر الحساس أشد ثباتا من جبل البرانس.

إلى التي كافحتها الحياة فجارتها بالكفاح، وهي نفسها الفتاة التي حاربت الجميع لتحقيق حلمها البديع.

إلى خالتي أكتب، إلى التي تحملت كل المصائب أكتب، وعيني تدمع فخرا أكتب،
هذه البطلة التي حال القدر بينها وبين رؤية أبنائها سنوات طوال دون أي تفسير، بطلتي كافحت من أجل لقمة العيش لها ولأشقائها، بطلتي كانت ولا زالت تسعى كل يوم محاولة توفير كل ما يحتاج إليه أحبتها، بطلتي تخلت عن كثير من الأمور منها حقوقها التي تناستها في صندوق صغير لا يزال كامنا إلى الآن مفسرة ذلك بقولها:"تالله إن عوض ربي لأعظم".

بطلتي عانت الكثير وكان أوج معاناتها يوم فقدت كنزها الثمين:"أمها -رحمها الله-"، وبعد ذلك حرمت من إكمال دراستها الثانوية لأسباب عائلية، ثم غصبت على زوج لم يتق الله فيها ولم يرعاها حق رعايتها، كان هذا الشرير الظالم -طليقها- السبب الأول في إبعاد أبنائها عنها، موضحا ذلك بقوله المتعجرف: "لن تستطيع امرأة بهذا المستوى المادي تربية أطفالي أنا"، وتمر السنين وقلب الأم يتحرق شوقا في كل يوم لرؤية أطفالها الذين كانوا يعيشون الرعب مع ذلك الظالم القاسي.

تمر الأيام، الأم تسعى وتنتظر، فتسعى لضم شمل أسرتها عن طريق عملها، وتنتظر تلك اللحظة الحميمية بينها وبين أطفالها عندما تضمهم إلى حضنها الدافئ وتربت على رؤوسهم بيديها الحنونتين مع قولها: لا تخافوا أنا معكم الآن ولن أسمح لأحد بإبعادكم عني.


تمر السنوات، وتمضي الأشهر، ولكن لا زالت دقيقة البعد في قلب الأم كأنها سنة ، أخيرا جاءت اللحظة التي انتقلت فيها الأم إلى بيت جديد يناسبها وأطفالها، واستطاعت والحمد لله أخذ أطفالها بالقوة من ذلك البغيض، وأخيرا اكتمل شمل أسرة كاملة والحمد لله، ولكن لم تنتهي قصتنا بعد...

خالتي وابناؤها:
ابن خالتي الصغير ألطف طفل في هذا الكون، وهو نفسه الذي يعاني من صعوبات في النطق، والذي حرم من المدرسة لهذا السبب، قررت خالتي دون تردد تسجيله في مركز لتعلم كيفية النطق الصحيح، ولم تتوقف هنا بل وأيضا سجلته في المدرسة، طبعا بعد صعوبات عانتها مع وزارة التربية والتعليم، بدأ هذا الطفل جميل الداخل رائع من الخارج بالتحسن يوما بعد يوم، وبفضل الله كانت التطورات تظهر عليه في كل يوم.

أما عن تلك الشقية التي أعدها أختا لي، فلم تواجه صعوبة في التسجيل في مدرستها، كل ما في الأمر أنها كانت تريد أن تسعى أكثر فأكثر لجعل فتاة أهلك كيانها بسبب قسوة أبيها عليها فتاة تشعث نورا في كل الأرجاء وأملها وحده يكفي لإنارة عالم بأسره.

خالتي هي تلك البطلة التي كافحت وكافحت من أجل الكثير، خالتي هي تلك القائدة التي ترشدنا إلى الله في كل شيء، خالتي هي نفسها التي استغنت عن الناس بخالق الناس، خالتي عنوان للشجاعة والقوة، خالتي أجمل وردة في هذا العالم التي تفتحت رغم كل الظروف، خالتي التي آمنت أنها بذكر الله تحيا، وأن الله معها، ولن يَتِرَها أعمالها..

كانت قصة خالتي التي لن تعتبر مميزة لكونها قصة شائعة في عصرنا الأساس الأول في بناء طريقي الخاص الذي أشعثته هذه القصة بالآمال والأحلام، تعلمت الكثير من خالتي فمجرد كبتها معاناتها عن الجميع كانت كفيلة لي بالاعتذار من نفسي لكوني فتاة عجولة غير صابرة تنتظر الفرصة لتبين ضعفها أمام الجميع خالتي علمتني الصمود علمتني قناع الثبات الذي يخفي داخله الحزن العميق الذي لن يفهمه إلا من عاشه، خالتي كنز عتيق علمني المثابرة، خالتي ضوء أنار لي طريقي، هي التي سخرها سبحانه لي حتى تكون بمثابة المشعل لتلك الروح الكامنة لتجعل خالتي منها روحا تلتهب نارا حماسية ساعية نحو الأمام بكل قوة وعزم وإصرار لتحقيق مرتقى عظيم له يحلو المسير: دار الخلد والقرار الجنة بكل افتخار .

قلبي فاض حبا لك خالتي..
بقلم: مريم مصطفى رباح يونس