مبروك للفائزين!الصفوف 10 - 12
شكرًا على مشاركتكم. أنتم أبطالنا!
الأردن|الصفوف 10 - 12
البطولةُ الأَعظم
سجى جلابنه
تأليف سجى جلابنه
البطولةُ الأَعظم

جميعنا لدينا فترةٌ مشوقةٌ من حياتنا حارَبنا فيها الجميعُ حتى انفُسَنا،رُبما تترك تلك المدَّة بكَ أثرًا لا يُنسى او رُبما يكن لكَ بها بطلٌ شهِدها معَك،فليسَ مدهشٌ او غريبٌ انّ يكونَ لكَ بطلاً ولكنَّ الملفت انْ يكونَ بَطلُكَ منذُ اللحظةِ الأولى في حياتك وهذه سيرةُ بطلٍ له اثرٌ عظيمٌ في حياتي وهي أمي
كانت والدتي تعيشُ بعائلةٍ مزدحمةٍ يبلغُ عددُها ١٤ فرداً في بلدةٍ في مدينةِ اربد،وفي ذلكَ الزمان كانت الظروفُ المعيشيةُ صعبةً جدًا،الاّ ان امي لم تهتم لأيًّا من تلكَ الظروف،فبدأت رحلتُها تحت مسمى الطالبةُ المثاليةُ تحت رعايةِ مدرستها آنذاك بعديدٍ من لوحاتِ الشرف وشهاداتِ التقدير لما كانت عليه، على الرغم من تقاليدهم المعقدةِ في ذلكَ الزّمان والتشويش المستمر وعدم وجود تحفيز لها الاّ انها استمرت مصرةً إكمالِ مسيرتها المدرسيةِ
وبالفعل بقيت مناضلةً واكملتها وهي محافظةً على مستواها الدراسيّ حتى وصلت الى العامِ الاول من الدراسةِ الجامعيةِ وجاء نصيبُها للزواجِ ورغم ذلك ايضًا لم تتخلى عن اكمالِ دراستها الجامعيةِ وكانت الاوضاع سيئةً جدًا وغير مساعدةً ولا محفزةً على ايِّ امرٍ،ولكنها بقيت على اصرارها وعزيمتها واكملت دراستها الجامعيةِ بجدارةٍ حتى انَّ كل من سمعَ ما قدمتهُ من شهاداتٍ وتكريماتٍ قام بطلبها للوظيفةِ لكي تقدم دور المعلمةِ لأجيالٍ عديدةٍ،وحقًا عملت لمدةٍ في إحدى المدارس كمعلمةٍ ومربيةٍ لعديدٍ من التخصصاتِ المختلفةِ اي انها لم تكن معلمةً لمادةٍ واحدةً كغيرها،بل كانت لعديدٍ من الموادِ المتنوعةِ وبعد فترةٍ اقبلت طفلتها الأولى على حياتها فرفضت إكمالِ مسيرتَها المهنيةِ منذ ذلك اليوم حتى الآن تحتَ مقولةِ: "لا شيء احق بي اكثر من اطفالي"
وحتى الآن مازالت العديدُ من امهاتِ الاطفالِ والطلابِ تتقدمنَ لوالدتي بالشكرِ والامتنانِ على ما وصلوا اليه بفضلها ومازالت الامهاتُ يطلبنَ اليها إعطاءِ الدروسِ الخاصةِ لأبناءهم لما شهدنَ من تقدمٍ في علمهم بسبب مجهوداتِ امي التي اصبحت قدوةً تحفيزيةً للكثيرِ،والتي لازالت تحفزُني منذ صغري حتى الآن على العلمِ والدراسةِ وتذكرني بوصايا الإسلام بطالب العلمِ حتى اورثتني تلكَ الامتنانات والتقديرات فحصلتُ على العديدِ من الجوائزِ المختلفةِ كانت بكثيرٍ من دعوات امي وتشجيعها وقليلاً مني فما كنت سوى آداةً للسعيّ لولا وجودها
فوالدتي ليست بطلتي فقط،بل هيَ بطلةُ كلُ طالبِ علمٍ يسعى وأنا اليومُ أسعى لأُحقق حِلمُها وأكمِلُ مسيرَتُها التي لم تتخلى عنها سِوى لأجلِ ضمانِ حياةٍ سعيدةٍ لي،حاربت أمي الظروفَ والعائلةَ قائلةً:"لا باركَ اللهُ بأمَةٍ تُحاربُ طالبُ العلمِ بعلمهِ"، فلا بطل في حياتي كأمي كإمرأةٍ صبورةٍ لم تتخلى عن عزيمَتُها ولا دراستها وبقيَت على هدفِها حتى النّهايةِ،لا أثرَ لأحدٍ على نفسي إلا إمرأةً تخلت عمّا تمسكت بهِ لسنواتٍ فقط لأجلي. شكرًا لكِ ايَّتُها الأمُ العظيمةُ،سأبقى أفتخرُ بكِ حتّى وأن لم يرى هذهِ البطولةُ أحد.