بطلي لم يكن عاديًا ، أجل !
كنت ذات الخمس سنوات أرى صورة كبيرة تملأ الجدار أحبو إليها كل يوم ، أمرر أناملي الصغيرة فوق وجه ذلك الذي يتصدرها ، يبتسم لي أجل يبتسم ، أتلمس تلك النجوم التي تعلو كتفيه ، أحاول أخذ واحدة في كل مرة و باتت محاولاتي بالفشل ، أبكي ، يهرع والدي ليرى ما أصابني ، هو يراقبني وأنا أتأمل ذلك العسكري و أدقق في ملامحه التي يعلوها بعض القسوة .
لماذا تبكي يا صغيرتي أتريدين نجمة ؟ قالها والدي ضاحكا ....
إنه جدك ، بطل باب الواد و اللطرون ، لم أفهم ما يقول ! لا إنه بطلي ، نعم بطلي قلتها و لا أعي ما تعني .
كبرت و أنا انتظر عودة بطلي ، متى يعود ؟ قلتها لأبي يوما ، قال : إنه جدك يا عزيزتي و الآن في الجنة و الأموات لا يعودون لكنه ترك أثرا يبقيه حيا للأبد ، ساد العبوس وجهي ليته يعود كي يهديني نجمة .
حدثني أبي عن جدي الكثير وفي كل مرة أطلب المزيد ، أصغي جيدا وأعي ما يقول ، فأنا كبرت و أيقنت معنى كلمة بطل ، ولد جدك في مدينة معان أثناء الثورة على الأتراك ، أصبح فيما بعد قائد الجيش العربي ، اللطرون و باب الواد مع رفاقه من الجيش العربي فاستطاعوا حماية مدينة القدس و أوقعوا خسائر فادحة بالعدو .. و كان رفيق جلالة الملك الحسين رحمه ، قلت لأبي : ماذا قلت الملك ؟ قال : أجل ... ياااه كما أنا فخورة جدا بك يا بطلي ! و أستانف الحديث قائلا : و شخصية عظيمة و رمز من رموز الوطن و شاعر حيث ألف قصيدة حنا كبار البلد للجيش العربي .
حدثت صديقاتي عن جدي و كم أنا فخورة به وعن بطولاته من أجل الوطن ، و ذات يوم ذهبنا في رحلة مدرسية لصرح الشهيد فرأيت صوره و بطولاته إلى جانب صور الأبطال الأردنيين ، فبدأ الشاب هناك يشرح عن بطولاته التي أعلمها سابقا من والدي ، و أخذ يطرح الأسئلة فأجبت عنها جميعا ، فقال : أنت رائعة ! قلت : بكل فخر : كيف لا وهو جدي و بطلي منذ نعومة أظفاري ؟ أصبحت في الثانية عشر من عمري
فأخذني والدي في زيارة لمتحفه في عمان ، فأبهرني المكان المليء بالأوسمة و الدروع التي تحمل اسمه وكذلك الأسلحة التي استخدمها ، فقلت : ليتني إلتقيت به فقد ولدت بعد وفاته بسنوات ، رد والدي و ماذا كنت فاعلة ؟
سأقبله و أشكره لأنه جدي و بطلي كم أنا فخورة به ، فهو مصدر إلهامي بشجاعته و قوته ، فأنا سأصبح شاعرة و التحق بالجيش العربي حينما أكبر و أضع النجمة على كتفي التي طالما حلمت بها .
قال والدي : و أنت يا هيفاء حفيدة رجل عظيم هو حي في قلب الأردن و في قلوب الأردنيين ، حمى الله جلالة عبدالله و الجيش العربي الباسل .
رحم الله جدي و بطلي القائد المشير حابس المجالي .