مبروك للفائزين!الصفوف 10 - 12
شكرًا على مشاركتكم. أنتم أبطالنا!
الأردن|الصفوف 10 - 12
بطل طفولةٍ
Salma Hasan
تأليف Salma Hasan
بطل طفولةٍ

بطل طفولةٍ
في الخامسة من عمري ، حيث كنت أعيش في
بيتنا القديم في أرباض مدينة حنينا مع عائلتي
وجدي - يرحمه الله- ذاك الصوت الذي اعتدت
عليه يناديني قبيل كل غروب طالبا مني الذهاب
للبقالة التي تباشر منزلنا ، فيمد لي يده وهو جالس
على كرسيه الأبيض على الرصيف بجانب باب
المنزل ومسبحته في يديه وقبعته يعتمرها على
رأسه ، فيعطيني ما يجده في جيبه لاشتري به ما
يحلو لي من بقالة " أبو زهير" وبعد عودتي من
رحلتي اليومية التي شابهت أن تكون فرضا
يماشي حياتي أبدأ بالجري من كرسيه – يرحمه
-
الله حتى مضافة دار" أبو لبدة " مرارا وتكرار
-
وفي كل دورة تلتقي عيني بعينيه يبتسم ابتسامة
المشجع لأنهي سباقي والرياح ، ومن يدري فقد
ترافقني في سباقي في مضمار الحياة للوصول
.إلى غايتي ؟! فسرعان ما أتوقف لألتقط أنفاسي .
فما البطل في بطولة الطفولة إلا شخص أجاد لغتها
فأبحر في تشكيل كلماتها؟؟ كذاك كان بطلي

لا زلت أذكر يا جدي تلك الثلاجة التي انتصبت
مستقرة في الممر الطويل في البيت القديم ، لم
تكن مجرد ثلاجة تحتضن مؤونة طعام من
خضروات وفواكه ولحوم بشتى أنواعها، فجدي يرحمه
الله جعل إحدى رفوفها لتتجلس عليه علب
العصير وشراب اللبن ، فباتت ثلاجة كتلك مطمعًا
للصغار قبل الكبار . لا أنسى يا جدي في مرة من
مرات عودتي من روضتي أجلستني في مجلسك
وقدمت لي شراب اللبن مع حبات من التمر ، كانت
تلك أول مرة أستلذ بمزيج كذاك ، مزيج يتعادل به
مذاق الحلو والمالح ، فكنت الذي تأخذ بيدي للجديد الغريب ، فكذاك كان جدي

في أيامي هذه كلما قبضت ساعدي على ورق
نقود أو ما شابه يرن صوتك في أذني ناطقًا "
امسكي فيهم منيح ، انتبهى عليهم " فابنة الثامنة
تمثلت النصيحة في صغرها وكبرها ، عندما طلبت
المعلمة طباعة ورق تحث على الالتزام بالصلاة ،
فاقتصدت - بعد إذن من أمها- المكتبة التي
تقرب منزلهم فتبعد عنه بشارع أو شارعين ، ألفت
جدها - كما ألِفته جالسًا لدى باب المنزل فساءلها
عن مغادرتها وبادلها حديثا أنهاه ناصحا إياها
بإحكام التمسك بالنقود، فها هي لا زالت تتثبت
بنقودها بعد أكثر من ثماني سنوات ، فذاك الناصح المعلم كان جدي
كنت على الرغم من صغر سني أقدر شخص جدي
وروحه المرحة على الرغم من كبره في السن ،
فياما طرق رأسي برأسه مازحا وأردف الطرق قائلا
" راسي موز وراسك حجر" . أنا لا أمدح جدي عند
قولي أنه أحسن في نسب الألقاب لأصحابها فلقبني
ب" السلام عليكم" لكثرة السلام الذي كنت ألقيه
أينما حللت وارتحلت ، أما لقبه الذي أرققه لنفسه
فكان " العبد الفقير" لشدة حاجته وفقره لرحمة
الله تعالى وفضله ، فكذاك كان جدي، كذاك كان
بطلي
ها هو البطل يغادر روايته بعد أن شكل ورسم
بأسمى الألوان طفولة حفيدته ، هم غادروا الحياة
لكنهم سكنوا الوجدان ،والأفئدة، فوجدت في جدي
كل الصفات التي يستوفيها البطل وكيف لا وفي
كل خطوة أجد له ذكرى تشربتها الذاكرة ، أحسبه
... كان كذاك ولا أزكي على الله أحدا
إن كانت حياتي رواية فأنت بطلها ، ولكني أتساءل
إن عادت لي ذكرياتي وبيتي القديم وألعابي فمن
سيعيدك لي ياجدي؟، حين رحلت خسر العالم لحنا
كذاك كان جدي ...كذاك كان بطلي...