هذه قصة ليست كباقي قصص المحاربين، فهي قصة امرأة ظلت تحارب حتى آخر رمق لها على أرض المعركة.
خالتي كانت طيبة القلب فكان كل من يقابلها يقع في أسر طيبتها، لقد تزوجت وهي في منتصف عقدها الثالث من ارملا و كنيته (ابا فارس)يكون كبير و(مختار)عشريته .لم يحالفها الحظ في ان يكون لديها اطفال يلعبون و يمرحون حولها ،إلا أن ذلك لم يمنعها من العيش بسعادة،فكان يجب عليها دائما إحضار لي ولاشقائي الحلوى ،وأن كانت مسافرة عندما تعود تحضر لنا هدايا،بأختصار كانت امرأة وخالة متميزة عن الجميع.
قبل أربع أعوام تقريبا مرض زوجها وتم تشخيصه من قبل الأطباء بأنه مصاب ب(الكانسر)رغم قول الأطباء انه لا يوجد أي امل لنجاته،إلا انها لم تفقد الامل وظلت معه، فكانت تنام على الأرض في المستشفى بجانبه حتى إذا أراد شيء تقوم بتلبية النداء،وكانت تذهب معه لكل مكان ،لكل طبيب،كل يوم لمدة ستة أشهر الى ان شفي من دون أن تنتجع المساعدة من احد ،واثبتت بهذا وفاءها لزوجها.
في يوم من أيام(آذار)و تحديدا يوم خميس، عندما كنت عائدة من المدرسة مع ابتسامة كبيرة على وجهي لأتفاجىء ان والداي جانا مبكرين من العمل ويجلسون في غرفة المعيشة وعلى وجه والدتي علامات على الحزن،والتوتر، والقلق،والخوف. فسألتهماوانا مازلت مكاني :مرحبا،كيف حالكما، لماذا ما زلتم تردون ملابس العمل ،هل انتما ذاهبون الى مكان ؟!.عم الصمت للحظات من دون أي إجابة الى ان قال والدي بصوت هادئ :خالتك إكرام في المستشفى. فقلت:لماذا ،ما الذي حصل؟!. فخرجت والدتي عن صحتها وقالت :سقطت مغشية عليها في المطبخ بينما كانت تعد الإفطار، وننتظر خروجها من غرفة العمليات للذهاب اليها .هنا بتلك اللحظة شعرت ان الزمن توقف بي محاولة الاستيعاب بما يجري من أحداث، فأصبح اليوم من يوم مشرق الى يوم يعم بالظلام .وحاولد قدر الإمكان إخفاء الحزن على وجهي ،يعدها تم الاكتشاف بأن لديها ورم بالدماغ وظلت في غيبوبة لمدة أسبوعين وهي تنازع الموت الى ان اجرو لها عمليه نسبه نجاحها خمسة بالمئة الا انها نجحت بنجاح فأصبحت تأخذ جلسات طبيعية لتعود للمشي مجددا وبدأت تتحسن شيئا فشيئا او هذا ما اعتقدناه فبعد اقل من شهر في إحدى زيارتها للطبيب واخذ لها صورة اشعائية جديدة عدنا الى نقطة البداية فأكتشفوا ان عندما ازالو الورم بأنه انتشر في كل مكان خصوصا في الدماغ والرئة وعندما علم زوجها بهذا قرر ان يطلقها بعد ما يقارب ١٢ عام زواج بحجة انه لن يتمكن من رعايتها وانه هو من يحتاج إلى الرعاية وتطلقا بعد فترة .فبعد ان كانت سنده عند الحاجه خسرت من كانت تعتقد انه سندها ،أو لا فمن الجيد انها علمت بهذا ،من الرائع انه ظهر معدنه الذي هو فالصوا، لقد ازال القناع في الوقت المناسب.
خالتي كل يوم كان يمر كانت تصبح أضعف فلم تعد تستطيع المشي و أصيبت بالوهن والشرود وبدأت شيئا فشيئا تنسى من حولها والكادي تتناول الطعام ،وأصبح جسمها هزيل جدا ،بأختصار أصبحت من شخص صحته رائعة ولم ينتجع المساعدة الى شخص يحتاج أشخاص لمساعدتك ولم تعد تتعرف عليهم .
ربما تتسائلون لم لم تبدأ بالعلاج الكيماوي ،سأخبرك وبكل بساطة انها في المرحله الرابعه والاخيره ولايوجد أي امل لها بالعلاج الكيماوي لانه برأيها انها ستموت خلال شهران او ثلاث مثل ما قال الأطباء. إلا انها صنعت معجزه لبقائها عل قيد الحياة تخطت المهلهل التي وضعها الأطباء.
السعادة لا تدوم وهذا شيء لامفر منه ،ففي يوم الأربعاء الموافق السابع والعشرون من شهر آذار لعام الرابع والعشرون بعد الألفين، وفي السادس عشر منشور رمضان عام الف واربعمئة وخمسة وأربعون هجري ،توفيت خالتي في الساعة الخامسة ونصف مساءا بعد ان قضى عليها المرض ،عندما استقبلت هذا الخبر شعرت بالحزن لعدم رؤيتها مرة أخرى والسعادة لأنها استراحت من معاناتها ..فذهبت في اليوم التالي الى المدرسه لأنني لم أستطع إلا افكر بها على امل ان تشغلني الدراسه عنها
ظللت ابكي على فراقها من حين لآخر في الليل وبدأت انها واسميتها في كتاباتي ((حمامه السلام))لأنها كانت طيبه ومسالمه
نتعلم من قصتها انه لايوجد شيء مستحيل طالما تصنع المعجزات وتحارب وتناضل وتقفز عن العواقب .