كنت في السنة الخامسة من عمري، كانت أُمي توصلني إلى الروضة كل يوم في الصباح الباكر وكانت تطعمني الفطور في الروضة قبل ذهابها لعملها حيث كانت تحضر لي رقائق الإفطار مع الحليب، وفي يوم انتبهت أُمي على زميلي أحمد بالصف كان ينظر إلى فطوري بطريقة شهية، سألته أُمي : هل تحب رقائق الإفطار؟ أجاب بخجل: نعم. فوعدته أُمي أن تحضر له في المره القادمة.
حيث ودعتني أُمي وذهبت إلى العمل وهي بطريق عملها قررت أن تشتري الفطور لجميع طلاب الروضة لأنها لا تحب تأجيل عمل اليوم إلى الغد، فذهبت إلى المتجر واشترت رقائق الإفطار والحليب، وعندما حاسبت على الأغراض انتبهت أنه لم يبقى معها نقود لتكملة يومها ولكن لم تكترث لأنها تريد فعل الخير وأن تطعم زميلي أحمد الذي وعدته بأن تحضر له رقائق الإفطار.
وبعد برهة من الزمن عادت أُمي إلى الروضة ومعها كمية كبيرة من رقائق الإفطار والحليب تكفي جميع الطلاب وأخبرت معلمتنا أن هذا الفطور لجميع طلاب الروضة وبالأخص زميلي أحمد، حيث فرحتُ كثيراً من تصرف أُمي لأننا قضينا وقتاً ممتعاً بالفطور الجماعي مع أصدقائي.
وعندما وصلت أُمي إلى عملها (حيث تعمل بشركة صرافة) جاء إلها عميل يريد إصدار حوالة ولأن أُمي تصرفت معه بشكل لبق وساعدته بأن يصدر الحوالة شكرها على حسن تصرفها معه.
فقرر مديرها بالعمل بمكافئتها لحسن تصرفها مع العملاء حيث فُوجئت بأنه أعطاها مكافئة مالية ضعف المبلغ المالي الذي دفعته بالصباح على الفطور الجماعي.
وعند عودتنا إلى المنزل رأيتُ عينان أُمي تلمعان من الفرح ووجهها المبتسم وهي تحكي لنا القصة التي حدثت معها وكيف أنها لم تكترث كيف ستقضي باقي يومها لأنه لم يتبقى معها المال، ولأنها مؤمنة بأن عمل الخير وجبر الخواطر يعيد إلى صاحبه أضعاف مضاعفة مهما كان صغير وهذه ليست أول ولا آخر قصة حدثت مع أمي بعمل الخير وكيف يعود إلها اضعاف مضاعفة.
ومنذ تلك القصة التي أثرت بي بشكل إيجابي لعمل الخير (مثل بطلتي أُمي) من وقتها وأنا أعمل الخير مع من أشعر أنه فعلاً بحاجة إلى المساعدة وفي كل مرة أعمل بها الخير يعود إلي إما بخبر سعيد، أو أحد يهديني هدية أحبها، أو مكافئة مالية من والدي.
لذلك إعتادوا على فعل الخير وإعطاء الصدقات فالصدقة بعشر أمثالها كما علمنا سيدنا محمد صل الله عليه وسلم حين قال { ما نقص مال من صدقة }.
ودمتم سالمين.