فراس العجلوني
مما لاشك فيه أنّ لهذا الوطن العزيز أبناء شرفاء أنجبتهم أمهاتهم لخدمته ورفع رايته والدفاع عنه بكل ما هو غالٍ ونفيس، ومنهم الطيار البطل فراس العجلوني ، فقد ولد الطيار الشهيد في عنجرةعجلون في امارة شرق الأردن عام 1936م.ويعد من أعظم أبطال الأردن، فهو رمزٌ للتضحية والنضال في الوطن العربي،وقدوة للأجيال بكفاحه واجتهاده؛ فقد حقق العديد من الإنجازات البطولية للأردن و للعرب و للأمة الاسلامية كافة التي عجزعنها مناضلون آخرين ، فهو بطل يستحق كل الاحترام و التقدير لما قدمه لوطنه.
فراس العجلوني بطل طموح و مثابر ، فقد كان رمزا للطالب الطموح عندما بدأ رحلته بعد إنهاء دراسته الثانوية ثم التحاقه بسلاح الجو الملكي الأردني فقد امتاز بفطنته و قدرته السريعة على التعلم، فلم يترك أي معلومه تفيده أو تفيد غيره إلا واستغلها ولم يدعها تذهب هباءً مع الريح ، فكانت أول تدريباته في الأردن ، و لكنه بمهارته و تفوقه لفت أنظار العسكريين فرشِح ليكمل تدريباته في سوريا و بريطانيا و لأخذ دورات في مجالات متعددة ، ثم عاد إلى الوطن و قد حصل على جناح طيران ليكون طيارًا عسكريًا عام 1954م ـ و قد استمر بالترقي بمراتبه متألقًا ، حتى أصبح رائدًا و قائد سرب ، فمنذ بداياته بذل كل ما بوسعه من طاقة لتحقيق أحلامه في الجهاد و الدفاع عن الوطن.
شارك الشهيد فراس العجلوني في العديد من المعارك و حقق إنجازات هائلة ، و أولى المعارك التي خاضها مع الجيش الأردني معركة الخليل ، فقد قام سلاح الجو الأردني بعمل مثير للاندهاش أثبت شجاعة قواته العسكرية حينما تصدى مندفعًا بطائرات "الهوكو هنتر" لطائرات "ميراج" المتطورة و التي كانت للعدو الإسرائيلي تصديًا ساحقًا تمكن خلاله من إيقافها و كان النصر حليفًا للأردن ، و قد أظهروا بذلك مدى شجاعة و قوة الأردن ،فتعد هذه المعركة فخرًا لكل أردني و عربي و مسلم لأننا نتحدث عن أبطال ناضلوا في سبيل الدفاع عن الوطن و نصرة دينهم و حماية شعبهم و أمتهم.
وبعد مدة نشبت معركة أخرى عرفت بمعركة السمّوع ، حيث تشابك فيها العدو الإسرائيلي مع الجيش الأردني في قرية السموع بمدينة المفرق ، ومع الأسف فقد هزم الجيش الأردني و استشهد العديد من الجنود الأردنيين ومن بينهم الطيار موفق السلطي وهو صديق للشهيد فراس العجلوني ، الذي عزم على أن ينتقم لصديقه و زملائه الذين أريقت دماؤهم و روت هذه الأرض ، فقد أظهر هذا الموقف روح الأخوة بعدم السماح أن تهدر روح أخوته دون تحقيق النتائج.
بعد هذه الهزيمة تمكّن المسؤولون في الأردن عام 1967م أن يشتروا عددًا من طائرات "ايف 104" من الولايات المتحدة الأمريكية ، بحيث تكون أعلى مستوى من طائرات "الهوكو هنتر" ، و لكن قيادة هذه الطائرات تتطلب تدريبًا مكُثفا حتى يتمكنوا من استخدامها في تحقيق الانتصارات ، و قد اختاروا ستة طيارين من بينهم فراس العجلوني ، ليتعلموا طريقة قيادتها و يعودوا لتدريب زملائهم الطيارين على قيادتها، و هذا يدل على المهارات المبهرة التي تمتع بها هذا البطل و روح المبادرة التي تجعله مؤهلًا للتدريب ، لأنهم يحتاجون شخصًا يدربونه ليؤدي دور المعلم لزملائه دون محاولة احتكار أي معلومة يمكنه أن ينفع بها شخصًا آخر ، هذه المواصفات كانت جزءًا من شخصيته التي ظهرت خلال قراءتي لسيرة حياته ، مما يجعله مؤهلًا ممتازًا دون أدنى شك لمهمة مثل هذه.
وبعد أن أنهى تدريبه خاض حرب الأيام الست و التي أنجز فيها إنجازًا وثقه التاريخ في كتب النضال والإبداع ، فما حدث لا نراه إلا بالأحلام ، فقد استطاع أن يذهل الجميع بحيث قام بتحطيم مطارات العدو الإسرائيلي وأن يدمر مواقعهم العسكرية في أثناء انشغالهم بالإغارة على مصر و سوريا و حطّم العديد من طائرات العدو التي كانت أكثر تطورًا من طائرات سلاح الجو الأردني بمفرده و تفادى عديد من هجمات طائرات العدو التي استهدفته في طريق عودته للأردن و بالفعل تمكن من الوصول ، ولكن استطاع العدو أن ينال منه بعد وصوله للأردن ، وكتابة اسمه في عداد الشهداء ليترك وراءه أثرًا جميلًا؛ حسّن من مجتمعنا و زاده همة ورفع من معنويات شعبه ، لأنه و بكفاحه قدوة حسنة للأردنيين و للعرب بل للعالم كله ، فهو من أبطال هذا العالم الذين رصّعوا في ذاكرة التاريخ.
قد نال فراس العجلوني العديد من التكريمات مكافأة لإنجازاته ؛ فقد قامت الدولة بإطلاق اسمه على أحد شوارع مدينة إربد وأحد ميادين عمان المهمة، فهو نجم تألق في الانتماء للوطن الذي برز عندما فداها بروحه.
وأخيرا سيبقى اسم فراس العجلوني عالقا بذاكرة كل أردني وعربي، منتمٍ لوطنه ومحبا له، بسبب تضحياته العظيمة، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، فقد كان أسطورة يُستلهم منها معاني البطولة والرجولة والحب الصادق للوطن .
الطالبة : تسنيم فراس حسين ابو خلف