لجنة التحكيمالصفوف 6 - 9
لجنة التحكيم تقيّم المشاركات
164 أعمال
الأردن|الصفوف 6 - 9
اميره الذهب
Qablan Jamous
تأليف Qablan Jamous
اميره الذهب

أميرة من ذهب
بقلم الطالبة تالا جاموس
أميرة من ذهب، موزة العبيدات (١٧٧٣– ١٨٧٨) أميرة الحج الشامي بالدولة العثمانية، وفي تفاصيل حياتها ما يثير الهشة، كانت أميرة مناطق حوران كلها، وقائدة أعظم قافلة للحج بذلك الوقت، أميرة النشميات، وصاحبة الحكمة والحنكة والجمال الفائق والذكاء الخارق، صاحبة الشجاعة والمواقف العظيمة، خالة في سفر الزمن، ومتربعة في ذاكرة الأجيال، مثال للبذل والعطاء، وعنوان للشهامة والايثار، جمعت بين الإرث والتاريخ، وتمسكت بالقيم العربية الأصيلة، وبالأخلاق الإسلامية الحميدة، هي صاحبة النَّظرة البصيرة والأهداف العديدة، ومؤسسة لتاريخ من الفخر والعزة.
ذاع صيت الأميرة موزة بين القبائل العربية إلى أن وصل هذا الصيت الحسن إلى إحدى رجالات الدولة العثمانية وهو الوالي سعيد باشا أمير الحج آنذاك، عن طريق الشعر والشعراء، فأعجب الوالي بشخصية موزة، وتقدم لطلبها من إخوتها، إلا أنَّها رفضته في بادئ الأمر إلى أن أخذت مشورة إخوتها، وعلى رأسهم أخوها الأكبر مصطفى أبو فندي، وبعدها تمت الموافقة على الزواج من الوالي.
خلال فترة قصيرة من الزواج تم تجهيز أكبر قافلة من الحجاج من مسلمي البوسنة والهرسك وبورما وبلاد الشام ليصل عدد الحجاج إلى عشرين ألف حاج، وتولى إمارة القافلة الوالي سعيد باشا وبرفقته زوجته موزة، وبعد إداء مناسك الحج وفي طريق العودة من الديار المقدسة مرض الوالي مرضا شديدا وفارق الحياة في رحلة العودة إلى بلاد الشام، هنا بدأت ملامح الزعامة بالبروز، وظهرت حكمة وحنكة الأميرة موزة متسلحة في نشأتها الرزينة، وأخلاقها الإسلامية، فكان أول قراراتها إخفاء خبر وفاة الوالي سعيد عن جموع القافلة، ومع استمرار المسير ولكي لا يتم استهداف القافلة ومهاجمتها، تولت بنفسها إدارة الشؤون وإمارة الحج بكل شجاعة واقتدار، وعند اقتراب القافلة من مضارب قبيلتها أرسلت شقيقها ليبلغهم نبأ وفاة الوالي فسارع إخوتها إلى استقبالها إلى مشارف الشام بعدما أوصلت القافلة بأمان وعادت معهم.
وبعد عودة الأميرة موزة إلى أهلها سمع الشيخ شريدة بن حماد المخزومي بنبأ عودتها فتقدم بطلبها للزواج فوافقت وتزوجت منه، وأقام لها حفل زفاف استمر شهرا كاملا، أطلق فيه الرصاص الكثيف الذي لا يحصى ولا يعد، حتى صار هذا الحفل مضرب مثل عند القبائل العربية لقولهم" صار الطخ لأبو موزة" كناية عن كثرة الرصاص الذي أطلق، وأنجبت عددا من الرجالات ومنهم الشيخ شريدة الذي تولى زعيما لناحية الكورة، وهي أول امرأة تعمل قاضيا عشائريا، وكانت تحفظ عددا من أجزاء كتاب بالله عز وجل، عاشت حرة أبية، وسنديانة قوية وارفة الظلال، وحكيمة كانت تتمتع بصفات الشجاعة والزعامة إلى أن وافتها المنية والتحقت بجوار ربها، راضية مرضية وعاشت قرابة التسعين عاما.
تعدت أبجديات الفخر بأن نضعها نصب أعيننا متمثلين حنكتها وحكمتها وفكرها وشخصيتها، فكلما تذكرنا وذكرنا الأميرة موزة أخذنا الحنين إلى شجاعتها، فما أشبه اليوم بالأمس فالنشميات الأردنيات ما زلنا يحافظن على هذا الإرث، متمسكات بالقيم والأخلاق صاحبات قامات شامخة فكلهن موزة.
سيدة استثنائية من العطاءات الكثيرة لهذا الوطن، المرأة الأردنية الأيقونة، المرأة القدوة بأفعالها وأعمالها، وهي المرأة القدوة بالقوة والالتزام والعطاء في المجتمع، وهي المرأة والبنت الصالحة والزوجة الصالحة والأم المربية، والذرية الصالحة، فعندما نولي المرأة اهتماماً كبيراً فإننا نهيئ أسباباً عظيمة لبناء المجتمع.
من النساء القويات اللواتي أحدثن تغييرا كبيرا في مجتمعها، فقد قلبت الموازين لتترك بصمة، تعلمنا كيفية مواجهة المحن، واجتياز العقبات، واحترام الذات، ومفاجأة المحيطين بها بحكمتها وتواضعها، وتحقيق التوازن.
بقلم الطالبة: تالا جاموس