لجنة التحكيمالصفوف 6 - 9
لجنة التحكيم تقيّم المشاركات
164 أعمال
الأردن|الصفوف 6 - 9
لم أُخْلَق عبثًا
ايهم مقدادي
تأليف ايهم مقدادي
لم أُخْلَق عبثًا

لكل منا حياة خيالية نعيشها بين صمتنا وخيالنا، فقد تكون هناك فكرة أو شخصية نطمح أن نحققها ونكون عليها في مٍستقبلنا، أو قد نستخدم الخيال للهروب من الواقع، فنبحر بعيدًا بأفكارنا وخيالاتنا لنعيش حياة تختلف عن الواقع الذي نعيشه، وبكل تفاصيلها.

هنالك صنوف عدة من الناس، ومنهم صنفٌ يريد أن يغير حياته حتى لو بالخيال المحض، فيحلم بأحلام يقظة ربما لتبعده عن معاناة ما، أو ألمٍ قد عاشهُ بصمت، ولربما كان طفلًا يحلم بشخصيةٍ معينةٍ لشخصٍ ما، أو بطلٍ يتمنى أن يصبح مثله، سوا أكان بطلًا وهمِيًّا من صنع أفكاره، فلا وجود له ولا يمكن أن تتحقق صورته في الواقع، أو بطلًا موجودًا في الحياة الواقعية ومن الممكن أن يصبح واقعًا في المستقبل.


من هو الإنسان في رأيي؟ ومن هو بطلي؟
تابعوا معي كلماتي الرقيقة لنكتشفني 'أنا وأنتُم سويةً'...

سأبدأ لكم قصتي عن بطلي وشخصية في خيالي أطمح للوصول إليها، فقد بدأت قصتي وحبي له بعدما مرضت أمي قبل ثلاث سنوات بتصلب شرايين، ودخلت إلى المستشفى لمدة أربعة أيام، فكانت تحت إشراف طبيبٍ باطني في الخدمات الطبية، وهو من اكتشف مرضها عندما قام دكتور آخر بتشخيص المرض، وأكد لها أنها لا تعاني من إي مرض، و بفضل من الله عادت إلينا بصحة وعافية بعد المدة التي قضتها بالمستشفى، وكان القريب والصديق يهنئ بسلامتها. بينما أنّ السؤال المعتاد الذي طرح من قبل الجميع على أمي هو "كيف اكتشفتِ المرض؟ وما هي أعراضه؟". فتسرد لهم أمي القصة كاملة بأحداثها وتفاصيلها، ولا تنسى في كل مرة أن تذكر الطبيب الذي ساعدها بفضل من الله وسارع في علاجها. ولا أنسى أنا أيضًا جملتها التي كانت تدعو بها وتكررها لكل شخص تروي له القصة "ربي يجعل ابني مثله وفي مكانته".

فما زالت جملتها في أذني، وتتردد على مسمعي في كل وقت، وخصوصًا عندما أتكاسل وأتقاعس عن الدراسة أذكر نفسي بطموحي وتحقيق حلم امي.


في مرة من الأيام كنت أفكر بالطبيب بشدة، فذهبت إلى أمي وسألتها عنه، ولماذا تتمني أن أصبح مثله؟ فأجابتني إنه طبيب متميز في عمله، يخاف الله، ولديه أمانة في ضميره، وأنها التمست به روح المسؤولية، حيث أنه لا يتأخر للحظة عند طلب المساعدة، يجيب المرضى عن أي سؤال أو استفسار بروح سمحة متعاونة.


قررت أن أذهب مع أمي في زيارتها للمستشفى لإجراء الفحوصات المعتادة، وعند وصولنا طلبت منها أن تسمح لي بالتجوال في أرجاء المستشفى، وبعد موافقتها حرصت على زيارة بعض الأقسام والعيادات، حيث كنت أسافر في بصري بين الفريق الطبي والمرضى، وأرى بعض الموافق، وأسمع أصوات الدعوات من أهالي المرضى وذويهم للطبيب الذي يقوم بمعالجتهم، فأتخيل نفسي أنا ذاك الطبيب الذي يعمل على صحة الناس، وعلى معالجة المرضى، والإشراف عليهم، والتخفيف من آلامهم وطمأنتهم، ومساعدتهم على تخطي الآلام والصعاب من الأيام، ومن هنا زاد حبي لمهنة الطب واحترام الأطباء.

أما عن السؤال الذي بدأت وما زلت أطرحه، فهو كيف أحقق حلمي؟، وما العمل الذي من الممكن أن يساعدني على تحقيق الحلم؟، وكم المجهود الذي سأبذله لكي أصل إلى هدفي؟، كل هذه الأسئلة وغيرها راودتني في ذهني لتدفعني إلى الأمام، وتحفزني، هذا وإضافةً إلى دعوات أمي الحبيبة لي بأن أصبح طبيبًا، وتشجيعها الدائم لي في كل حينٍ تقول لي به: "بإمكانك أن تصبح طبيبًا بزيادة مجهودك؛ لأنك موهوب، ثق أنك قادر على تحقيق حلمك -بإذن الله-".


ومن هنا، بدأت مسيرتي التعليمية تتغير، حيث أني قررت أن الدراسة والاجتهاد، وبعد توفيق من الله، هو الطريق الأقرب والأقصر إلى تحقيق حلمي وطموحي، لذا فقد عزمت على التركيز الكبير على دروسي ومدرستي، والتزامي بواجباتي نحو المدرسة والكادر التعليمي، فاحترامي لمعلمي يخلق مني طالبًا مجتهدًا، محبًّا للدراسة والدروس، ومحبوبًا من قبل الجميع، فهي اللبنة الأولى في مسيرتي.


والآن ... أتوقع أن تكونوا قد علمتم من هو بطلي، فهو ذاك الطبيب الأردني الذي يعمل لدى الخدمات الطبية، طبيبٌ مجتهدٌ ومتميزٌ بكل معنى الكلمة، محبٌ للناس والخير، ومحبوب لدى الجميع، هذا هو بطلي وهذه هي الشخصية التي أطمح للوصول إليها عندما أكبر.

هذا أنا، أيهم المثقف، طالبٌ في الصف السابع، أحصل على المراتب الأولى غالبًا على مستوى صفي، وبين أصدقائي، وأطمح أن أرفع رأسي بإنجازاتي، ورأس أمي بي اليوم وغدًا ... وما حييت.