في حوارٍ قاسٍ بين آمالي وآلامي . .
وفي ذكرٍ شديد اللهجة لذاتي عن صراعٍ ربما يندلع بداخلي داعيًا بهِ بكل مُقوِمات جَسدي لقمعهِ . . لقمعِ من !
فرط تفكيري أم سواده القاتم أم صوته الذي يمنَعُني من النوم ! . .
وأنا في أوجِّ الصِراع تستحضر ذاكرتي رجلاً قد حَملَ أعباءَ عِتالِ حياتهِ ووطنيتهِ وظُروفهِ القاسيةِ حقاً لِأربعةٍ وثلاثون عاماً . .
الإنتماء لمحيطهِ الذي دفع بهِ إلى الهلاك . . رَحِمهُ الله
إلى ذلك الرجلِ أتحدثُ الآن وأسألهُ عن كيفيةِ الصمود في هذا العالم والمُحيط السيء جدًا لِأربعةٍ وثلاثون عامًا مليئةً بالصراعات والنزاعات النفسيةِ والإجتماعيةِ والسياسيةِ والإنسانيةِ . .
رغم كل ذلك قد حاول جاهدًا ليصنع حالةً من الاختلاف النوعيّ في الثقافةِ الأردنية ، فَعَلَ ذلك حقًا فقد كان كاتبًا وشاعرًا وروائيًا وصاحب نصوصٍ تلفزيونية؛ كان أديبًا بمعنى الكلمة . .
أورثَ " العَربي تيسير " نمطًا وفكرًا سبق بهِ بنو عصره وأثقل على كل من أتى من بعده وعَرِفَ أسطورة الرجل العنيد، "العربي" لطالما كررها في روياته وأشعاره . .
قال في روايتهِ الشهيرة أنت منذ اليوم "أكتبهُ لأنهُ يزعجني" حقًا أنا كذلك في كل كتاباتي إلا هُنا ستعذرني يا تيسير أكتبهُ لأنهُ يعجبني . .
لم يكن تيسير ذات يومٍ عاديًا كان تفكيره يحلقُ بهِ إلى الأفق العالمية والعربية . .
وأيضًا، في روايتهِ أنت منذ اليوم الذي يوجد فيها سردٌ عن السرد في قولهِ " أكتب شيئًا غامضًا لا أدري ماذا أسميه" . .
كان هذا النمط سابقًا لعهدهِ ولم يأتي أحدٌ من قبلهِ بهِ . .
وهو الذي جعل النقد العربي يقول، أنهُ أسس نمطًا جديدًا من الكتابةِ للروايةِ العربية . .
أتعلم! فخورٌ وأنا قد عَرفتكَ في شبابي في وسطٍ مليءٍ بالمثقفين الذين لا يعرفون ماضي ثقافتهم لا يعرفون تيسير، وأضافت معرفتي بإرثهِ وقصةِ حياتهِ إلى معرفتي قدرًا آخر، وممتنٌ حقًا لمن جعلني أعرِفُكَ وأنبهر بك وبما فعلت، أشكركِ حقًا أيتها الفتاة القادمةُ من الوادي . .
لست ُناصفًا لكَ ولا أحيي ذِكراك وإنما أحمِلُ على نفسي إيصال ما قد فَعلتَ للعالم أجمع، مستشهدًا بكَ أينما حللت وأينما حصدتُ جوائزي وخضتُ حواراتي الأدبية . .
من كتاباتهِ وأشعارهِ الخالدة:
"فاسمعيها يا صديقة
(خرزة زرقاء لا تعطي حقيقة
وكلانا رحلة مبهمة الأبعاد
لا تودي لمرفأ
فاذا طيف من التاريخ أومأ
لامس القلب وأغرى بخلود أو
تباشير لميلاد جديد
صدقيني - أنت عيني -
إنه ومض الغوايات الكذوب"
من نعيب البوم
"لا يشدّني إلى الحياة شيء سواكِ...
ولولاكِ، لفضّلت أن أغمض عيني عن شرور هذا العالم وخطاياه ووضاعة نفوس أصحابه، أغمض عيني،
لولاكِ، إلى الأبد،
ولولاكِ، بلا أدنى أسف.."
لن ترون هذا النمطَ إلا لدى تيسير الذي يلهمني غالبًا ويُشعل نار المراكز الأولى بداخلي ويجعلني أأمن بأن للأردني مكانةً ثقافيةً لن تقِل عن من حَولِه . .
من أنا ومن أنت نحن أمتدادٌ لأفكارنا لما نريد ونحلم يا تيسير يا صديقي أسمح لي لأخاطبك هكذا . .
كُنتَ وما زِلتَ ذخرًا للأردن وفخرًا وأعجوبةً لن تتكرر . .
كنت وما زِلتَ تيسير أبن الأردن وصاحبَ الثقافةِ الأردنية . .
سلام عليك أيها العَربي
عليك السلام . .
شاكر حجاوي