لجنة التحكيمالجامعات
لجنة التحكيم تقيّم الأعمال
89 أعمال
الأردن|الجامعات
غرور مُنمَّق
Saja M Althwabia
تأليف Saja M Althwabia
غرور مُنمَّق

تفرَّدتُ في بطولتي عن الناس أجمع ، بطلة بما تحمله تلك الكلمة من معاني ، فقد تحملت كل المآسي لوحدها مع أنينها لربها . فكان الباء بحر من الدموع سالت و الطاء لله طاعةً و اللام لامعة بين الأنام إثر وقوفي إلى جانبي .
فالألف أنهار من الحب لها و السين سنين من الألم هضمتها أمعائي و الفاء فضاء من الجمال بوجها ساطع ، لها و مَن غيرها بطلتي أزف لها ما حلمته أنهار الحب و سنين الآلام و جمال الكون بعد تجميعها سويا . فأين أنا من بين كل هذه الكلمات ؟ أيني فقد بحثت عني لكن لا أراني ؟ بعثت في ميدان الكتابة رسالة و كتبت في مطلعها اسمي ، و كان العرض هو الخاتمة و خاتمتها كانت هي أين قد كنتُ بالأمس عني ؟
فأغلقت ظرف الرسالة و قذفتها إلى الهواء إلى بعيد ، لكي لا يجدها المعادي و لا القريب . فرفعت رأسي ليلتها فوجدتني في السماء نجمة تارة و رأيت بأنني قمر السماء تارة أخرى أجمل من تلك التي قبلها ، ذلك في المساء أنا ، أما في صباحي أنا شمس و نوري بهاء يعمّ الجميع بلا استثناء . أنا النور في عتمة الليل البغيظ يا فتاي و يا ابنتي ، خاسر من لم أقع في طريقه ، و خاسر من لم يجدني في إحدى الطرقات ، أنا بطلة حلمي و حلم بعيد عن كل الأنام ، فقلبي عزيز فهنيئا كثيرا لمن قد ضمه قلبي ، و أمعنت فيه عيناي نظرها و آمنتْ به نفسي و اطمئنت . أنا المرساة لي و أنا ميناء لنفسي ، و مني ارتحالي و إلي أعود . لست أسئم مني فأنا أماني و مأمني و راحتي و سعادتي و ابتهاجي و سروري و مسرتي و أنا وجهتي و أنا لنفسي متعة لا تنتهي ، هل عرفت لمَ تغنيتُ في نفسي و كتبت فيها ما لم تقدر على نسجه في مخيلتك ؟ فقد كنتُ معي في أسوء حالاتي التي لم يرَ بشر دموعي التي أذرفتها حزنا على حالي و حزنا على قلبي الحزين ، و أمسكت قلبي حينها لكي لا يصيبه كرب جديد أشد من هذا الذي حل في ، و شددت قبضتي عليه لعل ألمه يتوقف و ترجيت عقلي لإنقاذي لكن لا جواب ففي وقتها غَزاني الحزن غزوة غالب و قلبي في حينها قد هُزم ، تلك التفاصيل التي عشتها في وحدتي بين جدراني البائسة و المملة لم أجد أحد يواسي وحدتي يمسح دمعتي و يأخذ بي إلى أمل جديد و لم يسبق لي أن شاركت فؤاد آخر ممن خلق ربي ، فتلك مشاعري و ذاك قلبي و هذه أنا و الله ربي ، فلمَ أستعين بغير ربي ؟ و عالجتُ نفسي و ألممت نفسي بعد أن بُعثِرت و جمعت كسوري من الطريق خشية أن يراها أحد من العالمين و أصير كلي مكانها و يصبح كياني كسور صغيرة و يدوسها الناس بأرجلهم ، فاختصرت نصف الطريق على نفسي و جمّعتُني و مضيت . كنت بطلتي الأولى في ذلك الموقف الذي لا ينسى و لو مر على ذكراه أعواما عديدة ، فغصّتي أستطيع إحساسها كلما طرى على فكري ذلك المساء التعيس ، فمنذ حينها و أنا صديقة نفسي و أختها و عزيزتها و و قريبتها و كل ما هو جميل لها ، فأين يهرب المرء من نفسه إلا أن يعود إليها ؟
فمسحت بقوتي ضعف قلبي و بحناني هدأت نفسي و أعيدها بأنني وحدي من فعلت كل هذا ، ألم يكفيك لمَ خبّرتُ عن نفسي و سميتها بطلة ؟ أأسرد لك قصة أخرى إن لم تكن ألممتَ بأطراف القضية كلها ؟ لكنني لست كمن ينثر تفاصيله و يبعثرها في كل مقال ، أدليتُ بدلوي بما فيه كفاية لإثبات حقيقة بطولتي . و هذه الكلمات المنمقة و التي أُعجِبتَ من جمعها و ترتيبها في جمل كتبتها بطلتي التي لازلت تزعم أنني أصفُّ لك الحديث مثل صفّ الكتب على الرفوف ، لكن لا بأس عندي ، لن أوقع لك نسخة كتابي حين أنشره .