في الصباح الباكر عام ٢٠٠٩ استيقظ أبي مبكراً للتوجه إلى عمله قبل أن يشرق الضوء .
كان يرتدي بدلته الرمادية الأنيقة وربطة عنقه ذات اللون الأزرق الفاتح كلون المياه الصافية كان يربطها بتأن ، وأخذ ساعته ذات الجلد العتيق مع حقيبته لونها بني كانت رفيقته خلال مسيرته المهنية كمدير مدرسة مرموقة، كان يتجه إلى عمله بخطى ثابتة ، كان مسؤلاً عن أجيال من الطلبة ،الذين يرونه قدوة ومعلما له .
كان أبي شخصيةً تحظى بالاحترام والتقدير من الجميعَ وكانت سمعته تسبقه إلى كل مكان ويتحدث عن الناس باحترام وإعجاب كإنسان متواضع وكريم لم يكن مديراً او مدرساً بل كان اباً لكل طالب .
كان أبي يعود الي المنزل والابتسامة تملأ وجه دائما رغم التعب والمسؤليات التي عليه لم يشعرنا ابدا بتعبه .
عندما نسمع صوت سيارته نذهب مسرعين إلى باب المنزل ؛لاستقباله نشعر وكأنَّ البيت امتلأ بمشاعر الحب والطمأنينة والدفئ عند دخوله، كان يعم الهدوء في المنزل وكان بحد ذاته يحمل السكينة.
كان أبي يحب أن يبادلنا أطراف الحديثَ ويسأل عن احوالنا وكنت كلما أرى ابتسامته الصافية أشعر كأنني الأهم بحياته.
لم يظهر أبي اي من تعب أمامنا لكنه كان مخفيا خلف نظرات عميقة تخفي وراءها سنين من العمل الجاد .
حمل أبي همومنا وهموم المدرسة والمجتمع على كتفيهَ ولم يشكو ابداً بل كان يقول (الشكاية لغير الله مذلة).
اتذكر في خلال أيام الأسبوع عندما يعود من المدرسة وبيده الخبز الطازج لتقول امي هيا لنضع الطعام على المائدة وهنا يبدأ أبي يبادلنا أطراف الحديث عن حياته وطفولته وكيف تعلم الصبر والمثابرة في حياته كان حديثه يتخلله دعابات لطيفة لم تكن احاديثه مجرد سرد لبعض المواقف،بل كانت دروسا لنا.
لم يتغير أبي رغم مكانته العالية في المجتمع ابدا بقي متواضعا يضم عائلته في المقام الأول هو قدوتي في كل شيء بل كان كل شيء إيجابي رغم معاناته من كل شيء بقي سندا ودايما لي وملهما بحضوره .
عملني أن الإرث الحقيقي ليس ما نمتلكه بل ما نزرعه في القلوب .
أبي انا احبك ليس لأنك سندي وتخاف علي بل لان اعرف روحك الطيبة وانت اول رجل احبني بكل صفاتي وحالاتي واخطائي ممتنة من الله انك أبي.