قِصة نجاح الدكتور فواز عبد الحق
إنّ السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة؛ فالنجاح العظيم لا
يأتي صدفة، بل يكون نتيجة جهد مستمر، وتحديات
صعبة، ومثابرة لا تعرف اليأس. هؤلاء الأشخاص الذين
سطروا قصص نجاحهم بأنفسهم لم يولدوا بهذه
الإنجازات، بل صنعوا مستقبلهم بإرادتهم الصلبة، وذللوا
الصعاب، وتحدوا المستحيل. مثل هؤلاء، نجد فيهم
منارات تضيء لنا الطريق، وتعلمنا أن المثابرة هي
المفتاح الحقيقي للنجاح.
تُعد قصة الدكتور فواز عبد الحق واحدة من تلك
القصص الملهمة التي تُظهر لنا كيف يمكن للإنسان أن
يتغلب على العقبات ويحقق النجاح رغم التحديات
الكبيرة. في كلِّ مشكلة تختبئ فرصة كبيرة، وكما
من رحم المعاناة يولد العظماء ويولد الأمل
يُقال: "
والإبداع". هذا القول ينطبق بشكل مثالي على الدكتور
فواز عبد الحق، الذي لم يقف مكتوف الأيدي أمام
إعاقته، بل جعل منها نقطة انطلاق نحو مستقبل زاهر
مليء بالتحديات والإنجازات.
قد تبدو الإعاقة الجسدية لكثير من الناس كعائقٍ كبير
يقف في وجه تحقيق الطموحات؛ لكن الحقيقة هي أن
الإعاقة يمكن أن تكون دافعًا قويًا نحو النجاح. الإعاقة
ليست مجرد نقص جسدي، بل هي تجربة حياة تعزز من
إرادة الإنسان وتفتح آفاقًا جديدة من الإبداع. تاريخ
البشرية مليء بأشخاص تغلبوا على إعاقتهم وحققوا
إنجازات عظيمة، ومن بين هؤلاء الأشخاص المميزين
نجد الدكتور فواز عبد الحق، الذي قدم نموذجًا رائعًا
في كيفية تحويل التحديات إلى فرص.
منذ نعومة أظافره، أدرك الدكتور فواز أن الإعاقة ليست
نهاية الطريق. على العكس من ذلك، اعتبرها فرصة
لبداية جديدة ومثيرة. لقد أدرك أن الإعاقة الحقيقية
ليست في الجسد، بل في العقل؛ فبإمكاننا تغيير
نظرتنا للأشياء وتحويل الصعوبات إلى فرص ثمينة. هذا
الفهم العميق للعالم حوله كان بداية رحلته نحو النجاح
الكبير الذي حققه فيما بعد.
الدكتور فواز عبد الحق، الذي عُ رف بإسهاماته الكبيرة
في مجاله، يحمل في ذاكرته قصة مؤلمة منذ طفولته.
فقد تعرض لحادث أليم، حيث أصيب في عينه، مما أدى
إلى فقدان جزء من بصره. كانت تلك اللحظة مفصلية
بعدًا جديدًا من التحدي
في حياته، إذ أضافت له
والإرادة.
هذه التجربة تركت أثراً عميقاً في نفسه، حيث شعر
في البداية بالضعف والعزلة. لكن مع مرور الوقت،
تحولت هذه المعاناة إلى دافع قوي للنجاح والتفوق.
2
وُلد الدكتور فواز عبد الحق في أحد الأحياء الشعبية
لعائلة بسيطة، وكان منذ صغره مميزًا عن أقرانه. فقد
حركته، مما
نفسيته و
وُلِد بإعاقة جسدية أثرت على
جعل حياته اليومية مليئة بالتحديات التي قد تبدو
للبعض مستحيلة. لكن، بدلاً من الاستسلام أو
الانغماس في الشعور بالعجز، قرر فواز أن يجعل من
إعاقته دافعًا لتحقيق طموحاته.
في سنوات طفولته، كان فواز محبًا للعلم والمعرفة.
كان يقضي ساعات طويلة في قراءة الكتب واستكشاف
عوالم جديدة من العلم والمعرفة. كان يقرأ كل ما تقع
عليه عيناه، من الكتب المدرسية إلى القصص
والروايات، حيث كانت تلك الكتب بمثابة نافذة يطل منها
على العالم الخارجي. في المدرسة، لم يكن فواز طالبًا
عاديًا؛ بل كان يتميز بتفوقه الأكاديمي واهتمامه
بالتعلم. ورغم كل التحديات التي واجهها، سواء
مه
الجسدية أو الاجتماعية، كان عازمًا على تحقيق أحلا
لم يكن طريق الدكتور فواز نحو النجاح الأكاديمي سهلاً.
كانت التحديات كثيرة، بدءًا من النقص في الموارد
والدعم الأكاديمي، وصولاً إلى العقبات الجسدية التي
كانت تعيق حركته. لكن عزيمته لم تكن تعرف اليأس.
فقد كان يؤمن بأن العلم هو المفتاح الذي سيفتح له
أبواب النجاح، وكان هذا الإيمان هو ما دفعه للاستمرار
رغم كل الصعاب.
عندما التحق بالجامعة الأردنية لدراسة اللغة الإنجليزية
وآدابها، كانت تلك الخطوة تحديًا كبيرًا في حد ذاتها.
اللغة الإنجليزية لم تكن مجرد مجال دراسة بالنسبة له،
بل كانت وسيلة لفهم العالم والتواصل مع الثقافات
3
، حصل على درجة
1978
المختلفة. وفي عام
البكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها من الجامعة
الأردنية، محققًا بذلك أولى خطواته نحو مسار أكاديمي
متميز.
بعد حصوله على البكالوريوس، تابع دراسته وحصل
على درجة الماجستير في طرق تدريس اللغة
.
1982
الإنجليزية كلغة أجنبية من جامعة اليرموك عا
المتحدة الأمريكية. توجه إلى جامعة ويسكنسون
ماديسون، حيث حصل على درجة الدكتوراه في
. كانت هذه الخطوة تحديًا كبيرًا،
1985
اللغويات عام
حيث كان عليه التكيف مع حياة جديدة في بلد أجنبي،
بالإضافة إلى التحديات الأكاديمية والبحثية التي
تطلبتها الدراسة في جامعة مرموقة.
لكن الدكتور فواز لم يكن شخصًا يستسلم أمام
التحديات. على العكس، كان يعتبر كل تحدٍ جديد فرصة
للتعلم والنمو. خلال فترة دراسته في الولايات المتحدة،
4
طور مهاراته الأكاديمية والبحثية، وبدأ في بناء شبكة
من العلاقات الأكاديمية التي ساعدته لاحقًا في
مسيرته المهنية.
بعد عودته إلى الأردن، بدأ الدكتور فواز مسيرته
الأكاديمية في جامعة اليرموك، حيث أصبح أستاذًا
. ومنذ ذلك الحين، تدرج في
1986
مساعدًا في عام
المناصب الأكاديمية، حيث أصبح أستاذًا مشاركًا في
. خلال هذه
1998
، ومن ثم أستاذًا في عام
1995
عام
الفترة، كان له دور بارز في تطوير المناهج التعليمية
في الجامعة، كما ساهم في تحسين مستوى التعليم
العالي في الأردن من خلال الأبحاث والمساهمات
الأكاديمية.
لم تقتصر إنجازات الدكتور فواز على الجانب الأكاديمي
فقط، بل شغل أيضًا عدة مناصب إدارية هامة، منها:
.
2020
رئيس الجامعة الهاشمية منذ عام
-
نائب رئيس للشؤون الكليات الإنسانية في جامعة
-
).
2020
-
2019
اليرموك (
نائب رئيس للشؤون الطالبية والاتصال الخارجي في
-
).
2019
-
2018
جامعة اليرموك (
عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة آل
-
.
2011
إلى
2007
البيت من
عميد البحث العلمي والدراسات العليا في جامعة
-
.
2007
إلى
2005
اليرموك من
5
خلال مسيرته الأكاديمية، قدم الدكتور فواز عبد الحق
العديد من الأبحاث العلمية المرموقة في مجالات
اللغويات وتدريس اللغة الإنجليزية. تجاوز عدد أبحاثه
بحثًا نُشرت في مجلات علمية محكمة. كما كان له
91
دور بارز في تطوير المناهج الدراسية في وزارة التربية
والتعليم الأردنية، حيث ساهم في تحسين جودة
التعليم وتحديث المواد التعليمية لتواكب التطورات
الحديثة في مجال التعليم.
لجنة أكاديمية
60
إضافة إلى ذلك، شارك في أكثر من
وغير أكاديمية على المستويات الوطنية والعربية
والعالمية. كانت مشاركاته في هذه اللجان تهدف
بشكل أساسي إلى تحسين مستوى التعليم العالي
وتعزيز التعاون الأكاديمي بين الجامعات المحلية
والدولية.
من بين الإنجازات التي يفتخر بها الدكتور فواز عبد
رسالة دكتوراه
40
الحق هو إشرافه على أكثر من
رسالة ماجستير. كانت هذه الرسائل تغطي
500
و
مجموعة واسعة من المواضيع في مجالات اللغويات
وتدريس اللغة الإنجليزية، وقد أسهمت في تطوير
البحث العلمي في الأردن والعالم العربي.
لم يكن الدكتور فواز مجرد مشرف أكاديمي، بل كان
أيضًا قدوة ومصدر إلهام للعديد من طلابه. كان يقدم
لهم الدعم والإرشاد، ويشجعهم على التفكير النقدي
والإبداع في أبحاثهم. كان يؤمن بأن التعليم هو السبيل
الوحيد لتحقيق التقدم، وكان يسعى دائمًا إلى نقل
هذه القناعة إلى طلابه.
6
الأبحاث التي قدمها الدكتور فواز عبد الحق لم تكن فقط
جزءًا من مسيرته الأكاديمية، بل كانت نقطة تحول في
مجال اللغويات وتدريس اللغة الإنجليزية في المنطقة.
من خلال أبحاثه، استطاع تسليط الضوء على أهمية
تطوير أساليب تدريس اللغة الإنجليزية في السياقات
غير الناطقة بها، وخاصة في الشرق الأوسط. عمله
البحثي لم يقتصر فقط على تقديم حلول نظرية، بل ركز
أيضًا على تقديم نماذج عملية يمكن تطبيقها في
التعليم اليومي.
والدول المجاورة.
كما تناولت أبحاثه أيضًا موضوعات مثل تحليل اللغة من
منظور ثقافي، وتأثير البيئة المحلية على تعلم اللغة
الأجنبية. هذه الأبحاث كانت رائدة في مجالها وساهمت
في تعزيز الفهم الأكاديمي للعلاقة بين اللغة والثقافة،
وهو موضوع مهم جدًا في عالم يتجه نحو العولمة.
7
لم تقتصر مساهمات الدكتور فواز عبد الحق على
التعليم والأبحاث فقط، بل امتدت إلى دعم المجتمع،
وخصوصًا ذوي الإعاقة. كان دائمًا يسعى إلى تحسين
حياة الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال توفير الفرص
التعليمية لهم وتقديم الدعم اللازم لتحقيق طموحاتهم.
كان يؤمن بأن التعليم هو حق للجميع، بغض النظر عن
التحديات الجسدية أو العقلية التي قد يواجهها
الشخص.
التي تهدف إلى دمج ذوي الإعاقة في المجتمع وتوفير
فرص متساوية لهم في التعليم والعمل. كان عضوًا في
العديد من اللجان الوطنية التي تعمل على وضع
سياسات لدعم ذوي الإعاقة، وكان له دور في تحسين
البنية التحتية في الجامعات لتكون أكثر ملاءمة للطلاب
ذوي الإعاقة.
كما كان يؤمن بأن الأشخاص ذوي الإعاقة لديهم قدرات
غير مستغلة، وكان يسعى دائمًا إلى تعزيز ثقتهم
بأنفسهم وتمكينهم من تحقيق إمكاناتهم الكاملة. من
خلال عمله الأكاديمي والمجتمعي، استطاع الدكتور
دراسته في الولايات المتحدة. كان على الدكتور فواز،
8
في أحد الأيام، تقديم محاضرة مهمة أمام مجموعة من
ماديسون. رغم
-
الأكاديميين في جامعة ويسكنسون
الصعوبات الجسدية التي كان يواجهها، أصر على تقديم
المحاضرة بنفسه دون أي مساعدة. هذه المحاضرة
كانت نقطة تحول في مسيرته الأكاديمية، حيث أظهر
للعالم أن التحديات الجسدية لا يمكن أن تقف في وجه
الطموح والإرادة.
كما كانت هناك مواقف أخرى تتعلق بعلاقته مع طلابه.
كان دائمًا يقدم الدعم لطلابه، وكان معروفًا بتفانيه في
مساعدتهم على تجاوز الصعوبات الأكاديمية
والشخصية. في إحدى المرات، قام طالب يعاني من
إعاقة جسدية بالتحدث مع الدكتور فواز حول إحباطه
من عدم قدرته على التفوق في دراسته. لكن الدكتور
فواز، من خلال تجربته الشخصية، قدم له النصائح
والإلهام وشجعه على الاستمرار. بفضل هذا التوجيه،
استطاع الطالب أن يتفوق ويحقق درجات عالية.
كان الدكتور فواز عبد الحق دائمًا يؤمن بأن التعليم
العالي يجب أن يكون متاحًا للجميع، بغض النظر عن
الخلفية الاجتماعية أو الجسدية. كان يرى أن الجامعات
يجب أن تكون مؤسسات شاملة تدعم التنوع وتوفر
فرصًا متساوية للجميع. من خلال عمله كأستاذ ورئيس
للجامعة، كان يسعى دائمًا إلى تحسين جودة التعليم
وتحديث المناهج لتواكب التغيرات السريعة في العالم.
كان يؤمن أيضًا بأهمية الابتكار في التعليم، وكان دائمًا
يشجع على استخدام التكنولوجيا لتحسين تجربة
التعلم. كان يرى أن التعليم يجب أن يكون تفاعليًا
9
ومبنيًا على التفكير النقدي، وليس مجرد نقل
للمعلومات. هذا النهج جعله واحدًا من أبرز الأكاديميين
في مجال تطوير التعليم العالي في الأردن والمنطقة.
في النهاية، أحب أن أوجه رسالة امتنان للدكتور فواز
عبد الحق. عزيزي الدكتور فواز، أود أن أعبر لك عن
أعمق مشاعر الامتنان والفخر بكونك نموذجًا يُحتذى به
في حياتنا. إن قصتك الملهمة وإصرارك على تحقيق
أحلامك رغم كل التحديات تُظهر لنا جميعًا أن العزيمة
والإرادة يمكن أن تتغلبا على أي عقبة.
لقد كنت دائمًا مصدر إلهام لي وللكثيرين غيري. إن
رؤيتك تتخطى العقبات وتحقق النجاح، بينما تقدم
و الدعم والمساعدة لذوي الإعاقة،
تفانيك في العمل
وحرصك على تحسين حياة الآخرين يعكسان روحك
النبيلة.
لوصف مدى تأثيرك الإيجابي في حياة الكثيرين. أتمنى أنا فخور بك كدكتور وكإنسان. كلمات الشكر لا تكفي
لك دوام الصحة والنجاح، وأتطلع إلى رؤية المزيد من
إنجازاتك في المستقبل. شكرًا لك على كل ما تقدمه،
فأنت حقًا مثال يحتذى به.
مع خالص تقديري وامتناني،
طالبتك المُحبة لكَ دومًا،
آلاء أسامة رشدي جبران.
10
إن قصة الدكتور فواز عبد الحق هي قصة مليئة
بالتحديات والانتصارات. من خلال إرادته القوية وإصراره
على النجاح، استطاع أن يتغلب على إعاقته ويحقق
إنجازات عظيمة في مجالات التعليم والبحث العلمي.
يحمل لنا هذا النموذج الإنساني رسالة قوية مفادها أن
الإيمان بالنفس والعمل الجاد يمكن أن يحولا حتى
أصعب العقبات إلى فرص للنجاح.